يوم الأسير الفلسطيني هو يوم تضامني مع الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيليّة، يوافق هذا اليوم 17 نيسان من كُل عام، وأصبح يومًا وطنيًّا للوفاء للأسرى الفلسطينيين وتضحياتهم منذ أن أقره المجلس الوطني الفلسطيني بتاريخ 17/4/1974، والحقيقة أن التضامن مع الأسرى لا يقتصر على يوم أو مناسبة أو ذكرى، بل هو في حالة انعقاد يومي دائم في ذاكرة الفلسطينيين، لأن قضية الأسرى من القضايا الحساسة للشعب الفلسطيني، وفي هذا اليوم لا بد لنا أن نستذكر أعدادهم ومحكومياتهم، فبحسب موقع عرب (48) فقد بلغ عددهم قرابة الـ5000 أسير فلسطيني، من بينهم 31 أسيرة و160 طفلًا، إضافة إلى أكثر من 1000 معتقل إداري، ووصل عدد الأسرى الذين أمضوا أكثر من 20 عامًا إلى قرابة الـ400 أسير والذين يعرفون بـ"عمداء الأسرى"، وهناك عشرات الأسرى من محرري صفقة "وفاء الأحرار" أعيد اعتقالهم عام 2014، وأمضوا أكثر من 20 عامًا على مرحلتين، كما بلغ عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكامًا بالسجن المؤبد 554 أسيرًا، وأعلى حكم أسير من بينهم الأسير عبد الله البرغوثي ومدته 67 مؤبدًا.
أما بالنسبة لعدد الأسرى المرضى فقد وصل إلى 700 أسير، وهو رقم مخيف جدًّا، إذ أن أكثر من نصفهم يعانون أمراضًا مزمنة تهدد حياتهم، في حين وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 236 شهيدًا منذ عام 1967، بسبب الإهمال الطبي (القتل البطيء)، التي تشكّل اليوم أبرز هذه الجرائم، وكان آخر ضحايا الإهمال الطبي، الشهيد أحمد أبو علي من الخليل، الذي استشهد في شهر شباط/ فبراير من العام الجاري، إضافة إلى مئات من الأسرى استُشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.
تحل علينا ذكرى يوم الأسير الفلسطيني هذا العام والمشاعر ممزوجة بين الألم والأمل، ما بين صمود أسرانا وثباتهم وشموخهم، وقهر الاحتلال وفظاعة جرائمه وتصاعد انتهاكاته وممارساته اللاإنسانية، والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة ضد الأسرى، بإصدار سلطات الاحتلال قوانين مخالفة للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة في عام 1949، مثل تشريع الاحتلال لقانون إعدام الأسرى، وسحب الجنسية والإقامة من أسرى ومحررين مقدسيين ومن الأراضي المحتلة عام 1948، وهناك عدد من القوانين والإجراءات العقابية الجماعية ضدهم قد شرعها الاحتلال على مدار السنوات السابقة، ناهيك بسياسة التعذيب الجسدي بالضرب المبرح والشبح والصعق الكهربائي، يضاف إليه التعذيب النفسي مثل الحرمان من الزيارات، والكنتينة، وإقفال المخابز، وسحب الأجهزة، وتقصير الفسحة “الفورة”، وعمليات الاقتحام لأقسام الأسرى، ومصادرة مقتنياتهم.
بالرغم من كل ما يحاك ويدبّر ضد الأسرى من سلطات الاحتلال، لكنهم بصبرهم وعزائمهم القوية يحققون انتصارات تلو الانتصارات على السجان الذي يذعن في نهاية المطاف لمطالبهم، إذ نفّذ الأسرى على مدار السنوات السابقة إضرابات عديدة فردية وجماعية، وكلها آتت أكلها، وكانت آخرها في شهر شباط/ فبراير وحتى الـ22 من آذار/ مارس من العام الجاري، سلسلة خطوات احتجاجية، تمثلت بخطوات عصيان يومية طالت جميع مناحي الحياة الاعتقالية، رفضًا لجملة الإجراءات التي أعلن عنها وزير ما سُمي بالأمن القومي المتطرف "بن غفير" بحقّ الأسرى، والتي استهدفت تفاصيل عديدة منها كمية المياه المسموح للأسرى استخدامها، وساعات الاستحمام، والخبز..الخ من القرارات العنصرية، لكن الحركة الأسيرة استطاعت قلب النتيجة وسجلت لهم انتصارًا مؤزرًا.
إن قضية الأسرى بالنسبة للفلسطينيين تشكل ثابت من الثوابت الوطنية، فهي كالأرض والعرض وحق العودة واللاجئين، لذا يعدّ تحريرهم من السجون الصهيونية اليوم قبل الغد على رأس الأولويات في برامج المقاومة الفلسطينية، ويجب على الشعب الفلسطيني التوحد لنصرة قضية الأسرى وفضح سياسة الاحتلال العنصرية أمام المجتمع الدولي، ليس هذا فحسب، بل أن ما ينتظره الأسرى من فصائل المقاومة العمل على تكرار صفقة “وفاء الأحرار”، ليس من أجل الاحتفاظ طويلًا بأسرى الاحتلال، بل ليشكلوا ورقة ضغط عليه أمام مجتمعه بالمعاملة بالمثل.