طُرح خلال الأيام الماضية وبشكل واضح وصريح على لسان العديد من الخبراء والمختصين والجنرالات الإسرائيليين سؤالًا كبيرًا حول مصير كيان الاحتلال، وفي إجاباتهم جميعًا كان الرأي بأن عوامل الانهيار والتفكك أكبر من الصمود والبقاء، وإمكانية الانهيار لم تعد حلمًا، بل قابلة للتطبيق في ظل بيئة طاردة للاحتلال، وظهور محور للمقاومة، تقوده وفق الإسرائيليين حركة حماس.
يقول الخبير في الشؤون السياسية والاستخبارية الإسرائيلي ميخائيل ميلشتين معلقًا، على الأحداث الأخيرة، بأن إستراتيجية حماس بأنها القائد الذي يدير المعركة برمتها"، ويصفها بأنها تتبع إستراتيجيات طويلة المدى ومثمرة، وأنها أفشلت فكرة الفصل بين قطاع غزة والضفة وباتت تعمل لصالحها، ويدعو لبلورة سياسة لمواجهة إستراتيجيات حماس.
وعن استغلال حماس مبدأ فصل الساحات وعكسه لصالحها، يقول الكاتب الصهيوني:" فرضت حماس حقيقة التفريق على "إسرائيل"، وهو المصطلح الذي اخترعته بنفسها، بينما زرعت "إسرائيل" الهدوء بالفعل في غزة وحصدت في النهاية عاصفة في لبنان".
يُطرح بقوة سؤال الوجود و الفناء، أو ما يعرف بالعقد الثامن عند الكيان، وهو انهيار الدولة اليهودية بالمفهوم الذي ساقه قادة الاحتلال على مدار سنوات طويلة، وهنا ساهمت عوامل فلسطينية بشكل كبير في طرح هذا التساؤل في ظل تشكل حالة وطنية فلسطينية جماعية تقوم على فكرة ترابط الساحات بين غزة والضفة الغربية والقدس وداخل المحتل عام 48 إلى جانب الساحات في لبنان وسوريا والأردن التي تقع على تماس مباشر مع فلسطين التاريخية، وما حدث خلال الأيام الماضية من هجمات وعمليات نفذتها المقاومة الفلسطينية عبر إطلاق عشرات الصواريخ من غزة ولبنان وسوريا، وتنفيذ عمليات الضفة الغربية وفي القدس وتل أبيب، والأغوار، مما أجبر الاحتلال الإسرائيلي على إعادة الترتيب ومراجعة الاستمرار في اعتداءاته على الأقصى والقدس على المصلين وأصبح هناك ضغط داخلي إسرائيلي، حول ما تقوم به حكومة الاحتلال من أعمال تجر ردًا فلسطينيًا، لا يحتمله الاحتلال، ومنها إفساد ما يسمى "عيد الفصح"، وأن الاحتلال لم يعد قادرًا على مواجهة هذه التحديات، وأن عوامل انهيار الاحتلال تزداد بين تتوحد الساحات، وتترسخ عبر ترابطها في الفعل المقاوم، بل ازديادها.
خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار في غزة أمس، وضع النقاط على الحروف، وكشف بشكل واضح عن إستراتيجية حركة حماس القائمة على ترابط الساحات، والعمل المشترك في مواجهة الاحتلال، والتصدي لاعتداءاته في القدس والأقصى، وأن إستراتيجية حركته قائمة على توحيد جهود الأمة في كل مكان نحو القضية المركزية، وهي القدس، وبناء قوة قادرة على هزيمة الاحتلال، وأن غزة جزء من الساحات وليست وحدها في مواجهة الاحتلال، كما حدث قبل أيام، وهو تبني واضح للعمليات التي حدثت ردًا على اعتداءاته، ويمكن أن تكون بداية لعمل مشترك، يرى النور للساحات جيمعًا، وهو يتقاطع مع محور المقاومة الذي يتسع ويتوحد في المنطقة، ليضم اتجاهات عدة وساحات مختلفة، وعملًا عسكريًا متعدد الأساليب يشمل كافة الساحات.
الخطاب الثوري المتجدد للسنوار، الذي يتصف بقدرته على جمع توحيد القدرات والجهود نحو هدف محدد، ويتصف بعدائه للاحتلال بشكل ايدلوجي، يوحد فيها طاقات الشباب الفلسطيني والعربي نحو الصراع مع الاحتلال، لبناء قوة من التحرير قادرة على هزيمة إسرائيل، وهو يتحداها بالظهور علنا في كل مرة، لتبدو عاجزة، عن النيل منه، وهو يقدم خطابًا وطنيًا وحدويًا، ينال قبولًا ورضا الكل الفلسطيني.