فلسطين أون لاين

طنجرة ولقت غطاها

...
الحكواتي - طنجرة ولقت غطاها
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

"طنجرة ولقت غطاها" من الأمثال الشعبية الرائجة، والتي يكثر تداولها بين العامة، ويُقال هذا المثل عند رؤية شخصين يتفقان في الرأي أو المواقف أو الأخلاق‏، حين يلتقيان معًا في علاقة زواج أو صداقة، ويشبهه المثل الفصيح "وافق شنٌ طبقة".

وللمثل قصة عجيبة وغريبة من نوعها، بطلاها: رجل يقال له شن، وامرأة يقال لها طبقة، ترويها الباحثة والكاتبة في الأمثال الشعبية باسلة العناني.

تحكي القصة أن رجلاً من دهاة العرب وعقلائهم يدعى "شن" أقسم أن يطوف البلاد باحثاً عن امرأة مثله ليتزوجها، وبينما وهو في مسيرته إذ قابله رجل في الطريق، فسأله شن: إلى أين تذهب وأين تريد؟

فقال الرجل: أريد القرية كذا، وهي نفسها التي يقصدها "شن"، توافق الرجلان وسارا معاً متجهين إلى القرية حتى إذا مضيا في مسيرتهما، قال له شن: أتحملني أم أحملك؟

قال الرجل: أيها الجاهل أنا راكب وأنت راكب (الرجلان راكبان دوابهما) فكيف أحملك أو تحملني؟ فأطرق "شن" وسكت عن الرجل ولم يجبه بشيء، وأكملا مسيرتهما حتى وصلا إلى قرية، فرأى شن زرعاً قد تم حصاده، فقال للرجل: أترى هذا الزرع هل أكله أهله أم لم يأكلوه؟ 

قال له الرجل: مابك أيها الجاهل ترى نباتاً مستحصداً (تم حصاده) فتسأل هل أكله أهله أم لا!

سكت عنه "شن" للمرة الثانية حتى وصل الرجلان إلى القرية التي يقصدها، فدخلاها، فلقيا جنازة فقال له شن: أترى صاحب هذا النعش حي أم ميت؟ فقال له الرجل: وربي إنك لجاهل وما رأيت أجهل منك قط، ترى جنازة فتسأل عنها ميّت صاحبها أم حي!

سكت "شن" كعادته ولم يجب بشيء، وأراد مفارقة الرجل، ولكن الرجل أبى أن يتركه كي يسير معه إلى بيته، فوافقه "شن" وقد كان لهذا الرجل ابنة يقال لها "طبقة" -اسمها طبقة- وكانت فتاة حسناء غاية الجمال والذكاء، وعندما دخل عليها أبوها سألته عن الضيف وقصته.

حكى لها أبوها عن مرافقته للضيف وشكى لها جهل ضيفه "شن"، وروى لها ما حدث معهما في الطريق وحدثها بحديثه، فقالت الفتاة: يا أبتِ، إن هذا الرجل ليس بجاهل، وسأخبرك عما قصده في حديثه، فأما عن قوله أتحملني أم أحملك؟ فأراد به أتحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا (نتحادث معاً في أثناء الطريق)، وأما قوله عن الزرع أكله أهله أم لا؟! فقصد به هل باعه أهله، وأكلوا بثمنه أم لم يبيعوه.

وأما قوله عن الجنازة، هل صاحب هذا النعش ميت أم حي؟ فقصد بقوله: هل ترك هذا الميت أحداً يحيي به ذكراً أم لا.

بعد أن عرف الرجل ما قصده "شن" في أسئلته خرج وجلس مع "شن" وحادثه ساعات، وقال له أتحب أن أفسر لك ما سألتني عنه، فقال له "شن": نعم فسره لي، فأجابه الرجل عن كل سؤال سأله "شن"، فتعجب "شن" من كلام الرجل وقال له ما هذا بكلامك هلّا أخبرتني عن صاحب هذا الكلام؟

فقال له الرجل: ابنتي هي صاحبة هذا الكلام ويقال لها طبقة، وهي التي فسرت لي كل ما سألتني عنه، فأعجب "شن" كثيراً بحكمة الفتاة وذكائها وخطبها من أبوها، فزوجه إياها، فحملها "شن" إلى أهله، فلما رأوها قالوا: وافق شن طبقة، وبالطريقة الشعبية "طنجرة ولقت غطاها".