فلسطين أون لاين

رمضان المغتربين.. اصطناع للأجواء وبلا طقوس

...
رمضان والمغتربين
غزة/ هدى الدلو:

"رمضان في الغربة باهت ومر وبلا معالم"، بهذه الكلمات وصفت هدى عثمان الأجواء الرمضانية التي تعيشها وأسرتها في بلدة رويسيلاري ببلجيكا برفقة زوجها وبناتها الثلاثة.

وتقول: إن هذه الكلمات الثلاثة هي أقل ما يمكن وصفها للشهر الفضيل في غربة جامدة، على الرغم من كل محاولاتهم لعيش طقوس رمضان وأجوائه الاجتماعية والروحانية التي اعتادوا عليها، وعاشوها سنوات طويلة برفة أسرهم في غزة.

تقول: "نشتاق لسماع صوت الأذان لكي نفطر عليه، بدلًا من النظر إلى ساعة الحائط تارة، وهاتفنا المحمول تارة أخرى، لنطابق وقت كسر الصيام ودخول وقت الإفطار بغروب شمس أقرب بلد إسلامي إلينا".

تحاول هدى خلق أجواء عائلة تحمل ذكريات لأطفالها بإعداد الأكلات الفلسطينية، فقامت منذ بداية رمضان بشراء الزينة وتعليقها، "لكن أن تعيش الأجواء الرمضانية أمر صعب، وحتى التواصل بين العرب والفلسطينيين ضعيف فالكل مشغول، والمسافات بعيدة بين المدن، فمثلًا، أنا أدرس في مدينة غير مدينتي فاضطر للخروج من البيت عند الساعة السابعة والنصف وأعود الساعة الخامس ونصف بعد العصر".

تقول هدى، إنها تجتهد لتعوض أطفالها عن الأجواء التي اعتادت عليها في صغرها خلال الجمعات الرمضانية التي عاشتها وزوجها بين الأهل، "أعد لهم سفر فلسطينية، وبعد الإفطار نشعل الإضاءة والزينة الرمضانية ونشاهد شيئًا مشتركًا معهم".

أما أم عبد الله التي تقضى رمضان الأول في غربتها في تركيا، فتفتقد لكل صغيرة وكبيرة عاشتها في غزة على الرغم من أنني أعيش في بلد يدين بديانة الإسلام، "لكن أجواء رمضان في البلاد العربية غير، فالشوارع تتزين وتظهر صبغة عامة للشهر الفضيل بشترك فيها المسيحي كمان".

تشكو أم عبد الله من غلاء الأسعار، بشكل يدفعها لصنع ما تشتهيه أنفس أطفالها في البيت كالسمبوسك والقطايف ليشعروا بأجواء رمضان.

وتتشوق الأم لأداء صلاة التراويح في المسجد، فعلى الرغم من قربه من مكان سكنها، إلا أنها لا تستطيع فعل ذلك بوجود طفل صغير يحتاج إلى رعاية، "وليس هناك من أستطيع تأمينه عندهم". 

تصمت قليلًا وتكمل بصوت ثقيل: "أفتقد في الغربة أذان الفجر الأول في وقت السحر، أتشوق لسماع المؤذن يقول: يا عباد الله ارفعوا أيديكم عن الطعام والشراب وانوا الصيام".

وتلفت إلى أن بعد المسافات لا يمكنها من الاجتماع بالأصحاب أو الأقارب المتواجدين في العديد من المدن التركية، لتعويض البعد والعيش في أجواء عائلية رمضانية.

وتعتقد أم عبد الله وغيرها من المغتربين أنهم يحملون أنفسهم ما لا طاقة لهم بتذكر تفاصيل صغيرة، والاجتماع مع أصدقاء في الغربة في محاولة منهم لتخطي ألم البعد الاجتماعي، والتأقلم التدريجي مع الغياب عما اعتادوا عليه في تفاصيل حياتهم.

رمضان بلا طقوس

أما إسلام بهار التي تقضي رمضان مغتربة للعام الثاني على التوالي، فتقول: "كل ما حولي لا يشبه شيئًا من طقوس رمضان التي عرفناها، فلا يوجد معالم لأجواء رمضان مثل غزة، نفتقدها كلها، سواء صوت المساجد القريبة أو التراويح أو لمة العيلة على الإفطار وغيرها الكثير من المشاعر الاجتماعية والروحانية".

وتضيف: "المجتمع هنا يختلف تمامًا، في غزة المعظم مسلمون صائمون، ويحترم المسيحيون خصوصية الشهر، ولكن في تركيا على النقيض تمامًا، رغم تعداد المسلمين الكبير".

وتضيف بهار: "في أماكن معينة بتركيا تشعري بإيمانيات شهر رمضان، رغم أن غالبية المناطق يتواجد فيها عرب وأتراك مسلمون، كالمناطق القريبة من مسجد السلطان أحمد، وأيا صوفيا. تشعري ببعض الأجواء، ولكن يغيب عنك صوت المسحراتي ولمة الأهل والجيران والأصحاب على مائدة الإفطار، وصلاة التراويح في المسجد، والأكلات الفلسطينية وزيارات الأرحام، وزينة الشوارع".

وتحاول بهار اختلاق أجواء رمضان في نطاق بيتها بتعليق زينة والإضاءات، وقراءة القرآن، وعمل الولائم الرمضانية للمعارف، "وعدا عن ذلك لا يمكن خاصة أنني أسكن في منطقة سياحية ولا يوجد احترام لشهر رمضان، وبالنسبة إليهم لا يعدوا عن كونه شهر كباقي الشهور".