فلسطين أون لاين

الدراما الفلسطينية.. محاكاة لواقع معايش يفتقد للمشاهد الإنسانية

...
المسلسلات الفلسطينية
غزة/ هدى الدلو:

"أم الياسمين"، و"ميلاد الفجر"، و"حارة القزازين"، و"وطن على وتر" وغيرها من الأعمال الدرامية الفلسطينية التي تطل على المشاهدين عبر فضاءات محلية تتناول موضوعات وقضايا وطنية مختلفة أو قضايا اجتماعية أو ذات طابع فكاهي وكوميدي ساخر.

وإذ يقبل البعض على مشاهدة تلك الأعمال بما يتناسب مع ميولهم وأذواقهم، ويراها ذات أهداف ورسائل وليست لمجرد ملئ فراغ تلفزيوني، ثمة من يعتقد بأن الإنتاج الدرامي الفلسطيني يعيد محاكاة واقع معاش خاصة تلك التي تتعلق بالنشاط الفلسطيني المقاوم في بيئة تفتقر للإمكانات الفنية.

المخرج الفلسطيني محمد الكرمي يتابع في الموسم الرمضاني الجديد مسلسل أم الياسمين، وميلاد الفجر، وهالمرة غير، ويرى أن التجربة الدرامية تختلف هذا العام في عرضها للواقع الفلسطيني وتاريخه، "ألاحظ أن هناك تطورًا ملحوظًا في الدراما الفلسطينية خاصة في غزة سواء على الصعيد التقني أو الفني".

ويقول: إن هناك "أفكارًا عظيمة تطرح في سياق درامي بالرغم من تواضع طريقة العرض والسيناريو، أما الكوميديا للأسف ليست في المستوى المطلوب".

أما إبراهيم العزايزة والذي يتابع "ميلاد الفجر 2"، فيقول إن المسلسل يعرض رسائل ثورية تاريخية مستندًا إلى أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000م، ويتطرق فرعيًا إلى قضايا اجتماعية وإنسانية بطابع درامي فريد ومميز.

ويضيف: "قلّما تجد عملًا دراميًا يتسرب إلى وعي المشاهد بهذه السلاسة، فلم تكن أي من الشخصيات موضوعة في قالب محدد يحجِّم دورها، بل أخذت كل شخصية نصيبها من التعبير الحر والعفوي كلٌ بأسلوبه وطريقته، ما أدى إلى خلق اتصال عميق وموضوعي بين جميع الثيمات المعروضة وما ينطوي عليه المجتمع الفلسطيني من سمات مميِّزة له كشعب أو أفراد على حد سواء".

ويشير العزايزة إلى أنه بالرغم من تعدد الشخصيات وتباين خصائصها النفسية والاجتماعية إلا أن المسلسل كان محافظًا على تماسك ووحدة المضمون بشكل قوي، "وما أعجبني كثيرًا أيضًا مراعاة طبيعة المجتمع الفلسطيني المحافظ الملتزم دينيًا وأخلاقيًا، وهذا كان جليًا عبر عدة مشاهد تجمع بين مجموعة من الرجال والنساء، فلم يكن هناك أي مصافحة باليد بين الرجال والنساء".

ويذكر أنه لم يغب عن ذهن المخرج الرجوع إلى تلك الحقبة حتى عبر إعطاء الشخصيات مظهرًا كلاسيكيًا خاصًا بتلك الفترة، سواء باللباس أو بطريقة التحدث ولغة الجسد.

تفتقد عنصر الإبهار

ومن جهته يتحدث الناقد الفني نبيل ساق الله أن الأعمال الدرامية التلفزيونية والإذاعية المعروضة في رمضان تنتج وفق الإمكانيات المتواضعة والتي غالبًا ما تقيد مستوى العمل، مشيرًا إلى أن أقل عمل درامي في الوطن العربي تبلغ تكلفته من 50 إلى 60 مليون دولار، ولكن في ظل الوضع الفلسطيني فإن أي عمل لا تتجاوز تكلفته 300 ألف دولار، وبالتالي فرق في الإمكانيات والأدوات.

ويقول لصحيفة "فلسطين": "إلى غاية اليوم الدراما الفلسطينية عاجزة عن وضع القيم الإنسانية في سياق المسلسل، وتعتمد على مشاهد المقاومة، ويفترض أن يسبق تلك المشاهد ما يعبر عن الحياة الاجتماعية كالحب والجمال وغيرها من ذكريات الشباب وحكايا الأجداد ووصف جمال البلاد والجوانب الاجتماعية والإنسانية كمشاهد التغريبة الفلسطينية". 

ويوضح ساق الله أن بعض الأعمال الدرامية المعروضة "تستخف بعقول الناس، وأبسط ما يقال اللباس والزي الذي ترتديه بعض الممثلات المشاركات، إلى جانب أن هناك حشو كبير في السرد النصي".

ويضيف: "بعض المشاركين يحتاجون إلى تدريب أكثر لتقمص الشخصية وعيش الدور، خاصة أن التمثيل يحتاج إلى عنصر الإبهار وهو ما تفتقده غالبية المسلسلات، وأن تغلب الصورة على الحوار فأي قصة تنقسم إلى قسمين: سيناريو يعتمد على الوصف، وحوار الكلام المنطوق أثناء العمل الدرامي".

ويلفت ساق الله إلى أن معظم الدراما المعروضة تنحصر في مرحلة زمنية قصيرة ويجب تصويرها في تلك المرحلة، كما أن فيها حشو بشخصيات كثيرة بلا مبرر، وتكثيف الإضاءة على بعضها دون أن يكون لها أهمية في العمل الدرامي.

ويؤكد ضرورة العمل على تعميق الفكرة والبعد عن السطحية، بمزج المضمون الدرامي بين وصف فلسطين وحبها وذكريات البلاد، ومشاعر الحب للعائلة، والتضحية وغيرها من المشاعر الإنسانية، "يجب أن نجلد أنفسنا قبل أن يجلدنا الغير وتقديمها بشكل أجمل وتغليب لغة الإبهار والصورة على لغة الحوار".

ويتمنى ساق الله أن تنتقل الدراما الفلسطينية نقلة نوعية وتتعمق أكثر في حب فلسطين، وأن يرى العام القادم دراما فلسطينية نوعية تحترم العقل الفلسطيني.