فلسطين أون لاين

النمورة.. حلوى شعبية فلسطينية تعبّر عن أصالة غزة

...
حلوى النمورة
غزة/ أدهم الشريف:

يراقب محمد ساق الله من كثب مجموعة عمال في مصنع الحلويات الخاص به، وهم يعدون عجينة "النمورة".

ويمتد عمل ساق الله في المصنع المختص فقط بصناعة هذه الحلوى قرابة 12 ساعة يوميًا، مشيرًا إلى أن صناعة "النمورة" تمر بعدة مراحل.

وورث محمد وشقيقه الأكبر عُمر هذه المهنة عن والدهما فالح، الذي عمل في هذه المهنة أكثر من 50 عامًا والذي ورثها بدوره عن جده نصوحي ساق الله.

ويقول محمد (38 عامًا) لصحيفة "فلسطين": إنه منذ أن جاء إلى هذه الدنيا ووالده يصنع النمورة، مبينًا أنه صنّعها لسنوات وباعها في عدة أسواق وأماكن من مدينة غزة، وتركز اهتمامه الكبير آنذاك على سوق الشجاعية حتى استقر قبل ما يزيد عن 20 عامًا في البلدة القديمة لمحيط مسجد كاتب ولاية الأثري، إذ أنشأ بيتًا مكونًا من عدة طوابق وأقام في حواصله مصنعًا لإعداد النمورة وإلى جانبه محلًا لبيعها أيضًا.

ويحرص المصنع على تقديم أصناف متعددة من النمورة لإرضاء أذواق الزبائن، إذ يوفر النمورة السادة المعجونة بالسمن البلدي، أو المحشوة بصنف واحد من أنواع المكسرات مثل اللوز والجوز.

ومع ساعات الصباح يبدأ المصنع العمل كخلية نحل متكاملة الأدوار، تبدأ بعجن الخلطة، وتمررها بعدة مراحل، وتنتهي بعرضها في الخزانات الزجاجية في المعرض المجاور.

حلوى سهلة ممتنعة

وتعتبر حلويات "النمورة" الفلسطينية الأكثر شعبية في قطاع غزة بسبب سعرها المناسب للجميع، ويزداد الطلب عليها في شهر رمضان إذ يناسب سعرها القدرة الشرائية لجميع الفئات المجتمعية.

ويحرص محمود أيوب على شراء النمورة شهريًا من محلين رئيسيين لصنع الحلويات في غزة، يقول إنهما الأكثر مهارة في إعدادها.

ويعرف محمود نفسه بأنه شخص ذواق للنمورة، مشيرًا إلى أنها حلوى "سهلة ممتنعة" إذ يمكن تحضيرها في البيت ولكن ليس بمقدور الجميع الخروج بطعم متوازن للمقادير للعجين والنكهات، ولا سيما السمن المكوّن الرئيس لصناعة هذه الحلوى. 

ويضيف: "النمورة حلوى مفضلة عندي ولها حضور أساسي في فصل الشتاء، فهي غنية بالطاقة ولها طعم لذيذ مع القهوة".

ويعتقد أن إقبال الناس على شراء هذه الحلوى مرتبط بعاملين أساسيين هما: شعبية النمورة فهي حلوى غزية بامتياز، إلى جانب قدرة الجميع على شرائها وحملها كهدايا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية والغلاء المتواصل في الأسعار.

16 ساعة من التحضير

وعن طريقة صنع هذا النوع من الحلوى، يوضح محمد أن هذه الحلوى تعتمد على مكونات أساسية هي: السميد، والسكر، والسمن، والزيت بالإضافة إلى المنكهات كالقرفة، واللوز، والجوز.

لتحضير عجينة "النمورة"، يُعجن السميد مع السكر بمياه حلوة، ويترك لمدة ساعة ونصف، في هذه الأثناء تُدهن صينية بالطحينة البيضاء والسمن، "ثم نقوم بفرد العجينة على الصينية، ورشها بالقرفة وحشوة المكسرات المطلوبة، بعد ذلك تُفرد طبقة أخرى من العجين، وتُدهن بطبقة ثانية من الزيت، وتُترك نحو 8 إلى 10 ساعات حسب حرارة الجو كي تستريح وتتم عملية المزج".

عملية خبز حلويات "النمورة" تدخل أيضًا في عدة مراحل، تبدأ كما يبين محمد بوضع صينية العجين في الرف الأوسط للفرن الكبير، وبعد لحظات تُنقل للرف الأعلى لتحمير الوجه، ومن ثم تنقل للرف الثالث لإنضاج العجينة من الأسفل.

وبعد ذلك تُخرج الصينية وتُدهن باللبن، قبل إرجاعها مجددًا للطبقة الثالثة حتى تشرب اللبن، ومن ثم إخراجها وتقطيعها وإرجاعها للرف الثالث، وبعد استواء العجينة تُخرج ويوضع القَطِر بكمية مناسبة لمدة خمس دقائق قبل تصفيتها وتركها لمدة ساعتين، كي تصبح جاهزة للتقديم".

ويوضح ساق الله أن عملية تجهيز حلويات النمورة في المصنع الذي يضم بين جنباته نحو 10 عمال، تستغرق نحو 16 ساعة من بداية العجين، حتى تجهيزها للبيع بسعر 10 شيقل للكيلو غرام، مبينًا أن الكميات المصنعة تزيد وتنقص حسب المناسبات، والأوضاع العامة.