فلسطين أون لاين

الحكواتي

عذر أقبح من ذنب

...
الحكواتي - عذر أقبح من ذنب
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

كم نرى في أيامنا هذه أعذارًا أقبح من الفعل نفسه، فبدلًا من الاعتراف بالخطأ، يبحث البعض عن حجج تبرر أفعالهم، قد تكون أشد سوءً عن الفعل المرتكب، لينطَبق عليهم المثل "عذر أقبح من ذنب".

لكن من أين أتت هذه المقولة الشعبية؟، وكيف تجسدت؟، إليكم الحكاية الكاملة التي ترويها الباحثة الفلسطينية في الأمثال الشعبية باسلة العناني.

تدور أحداث المثّل في بلاد الأندلس، إلى القرن الثاني عشر ميلادي، إذ يُروى بأن أحد الملوك، طلب من عامة الشعب، بأنه إذا جاء أحدهم بعذر أقبح من ذنب، فإنه سوف يكافئه مكافأة مجزية. تقدم الكثير ولكن لم يستطيع أي من منهم أن يأتي الملك بعذر أقبح من ذنبه.

وفي يوم من أحد الأيام الربيعية، حيث النسيم العليل، حينما كان الملك جالسًا في حديقة قصره، غفيت عينه وذهب في النوم، وفي حين هو نائم، جاء خادمه وقام بتقبيله، فاستيقظ الملك غاضباً، وأمر أن يجلد الخادم مائة جلدة، على فعلته وتجرئه على تقبيل الملك.

قال الخادم للملك: يا سيدي، إنني مظلوم، لم أعرف بأنك أنت النائم، فقد ظننت أن الملكة هي النائمة هنا، ولست أنت، فاستشاط الملك غضبًا، وقال له: ويحك تريد أن تقبل الملكة؟.. فأمر الملك أن يعدم هذا الخادم.

عندها قال الخادم للملك: يا سيدي، ها أنا أتيتك، بعذر أقبح من ذنب، فأنا عندما أذنبت وقمت بتقبيلك، أمرت بجلدي، وعندما أتيتك بعذر أمرت بإعدامي، إذًا أنا أتيتك بعذر أقبح من ذنب ذلك الذي اقترفته.. لذلك فإنني أستحق الجائزة.

سامحه الملك على ذكائه ودهائه، وأمر أن تصرف له جائزة، على عذره الذي كان أقبح من ذنب.

وكان ذلك المثّل شائعاً بين عامة الأندلس، في القرن الثاني عشر ميلادي، أو السادس هجري، وقد قال في ذلك المثّل الشاعر الأندلسي الخبز أرزي: 

وكم مذنب لما أتى باعتذاره … جنى عذره ذنبًا من الذنب أعظما