ديسمبر المقبل، قد يشهد انتكاسة دبلوماسية جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث من المتوقع أن يكشف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قائمة سوداء بأسماء شركات وبنوك إسرائيلية تقدّم خدمات في المستوطنات بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد أُعدت القائمة بطلب من السلطة الفلسطينية والحركة العالمية لمقاطعة (إسرائيل)، وهو ما عدّه مسؤولون إسرائيليون تحدثوا إلى صحيفة "هآرتس" العبرية أمس، بمثابة إعلان عن انضمام الأمم المتحدة لحملة المقاطعة العالمية، بينما اعتبره متحدثون فلسطينيون بمثابة مكسب دبلوماسي فلسطيني يجب استثماره.
وبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، الاثنين الماضي، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمارس ضغوطا على الأمم المتحدة لمنع نشر القائمة، كما أن مفوض الأمم المتحدة، رعد بن زيد الحسين، بعث القائمة إلى الإدارة الأميركية للحصول على تعقيبها بشأن سلسلة من الشركات الأميركية التي تنشط في المستوطنات، التي من بينها "كاتربيلر" و"تريبادوايز" و"برايسلاين" و"Airbnb".
ويقول منسق الحملة الشعبية لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية: إن قرار مجلس حقوق الإنسان مرتبط بقرارات سابقة تعارض الاستيطان في الأراضي المحتلة عام 67، وتصفه بأنه "غير شرعي ومخالف للقانون الدولي".
وشدد على ضرورة أن يتم استثمار القرار الأممي والعمل دبلوماسياً والضغط من أجل نشره حسب الموعد المقرر، مشيراً إلى أهمية جمع المعلومات عن الشركات الدولية التي تعمل في الأراضي المحتلة وتساهم في تعميق الاستيطان وتهويد الأرض، وتسليم قائمة بأسمائها للأمم المتحدة.
وتضم القائمة السوداء شركات ومؤسسات إسرائيلية كبيرة منها أكبر مصرفين في دولة الاحتلال وهما "هبوعليم" و"ليؤمي"، وشركة "طيبع" الرائدة في صناعة الأدوية، بالإضافة إلى شركة الاتصالات "بيزك".
نشطاء دوليون
الخبير في القانون الدولي، عماد صلاح الدين، يرى أن الجهود التي تبذلها حركة مقاطعة (إسرائيل) تلقى نجاحاً لاعتمادها بالدرجة الأولى على النشطاء الفلسطينيين في أوروبا وأمريكا اللاتينية بالإضافة إلى النشطاء الدوليين.
وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي استطاعت أن تخلق ثقافة دولية حول الأنشطة الاستيطانية والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال ومستوطنيه بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن حركة مقاطعة (إسرائيل) استطاعت أن توضح الحقوق الوطنية الفلسطينية في القانون الدولي الإنساني خاصة ما يتعلق بقانون الحرب، على اعتبار أن الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس مناطق فلسطينية احتلت عام 1967.
وأشار صلاح الدين، إلى أن البناء الاستيطاني في تلك المناطق أو التوسع فيها يعد مخالفة صريحة للقانون الدولي واتفاقيات جنيف التي تحظر على المحتل إجراء تغيير جغرافي أو ديمغرافي على الأرض.
وقال: "مجلس حقوق الانسان بصفته إحدى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة يمكن أن يصدر قرارات تدين الاحتلال"، مستبعداً أن يتم اصدار عقوبات بحق شركات دولية بسبب أن ميزان القوى الدولي الرسمي يصب في صالح الاحتلال.
وأكد الخبير القانوني، على أن قرار المجلس الأممي يصب في صالح القضية الفلسطينية، وسيفضح الشركات المتواطئة مع الاحتلال، بشكل يسهم في تعريف المجتمع الدولي بجرائم الاستيطان وأثرها على الفلسطينيين.
وحركة المقاطعة المعروفة اختصاراً "بي دي اس" تسعى إلى كشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ووقف كافة أشكال التطبيع معه، وتدعو إلى مقاطعة الشركات الداعمة لـ(إسرائيل)، معتمدة على ثلاث ركائز أساسية، هي المقاطعة، وسحب الاستثمارات، والعقوبات.
عزلة دولية
في الأثناء، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس "أبو ديس" د.كمال علاونة، أن من شأن القائمة السوداء زيادة عزلة (إسرائيل) دولياً "لا سيما وأن هذه الشركات تدعم جهود الاحتلال في ترسيخ نظام احتلالي احلالي في أراضٍ محتلة وفق القانون الدولي".
وشدد على ضرورة أن يستثمر الشعب الفلسطيني هذه القرارات الأممية لفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقه، بسبب عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح الأنشطة الاستيطانية التي تعد انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وعقبة أمام تحقيق حل الدولتين.
وحث علاونة، السلطة على العمل في مرافق الأمم المتحدة لدفعها من أجل اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها أن تزيد من مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي دولياً.
وكان مجلس حقوق الإنسان الأممي، دان في دورته المنعقدة بجنيف في مارس/آذار الماضي، الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس المحتلة، وفي قطاع غزة، وطالب في القرار الذي صدر بموافقة 30 دولة، بمساءلة (إسرائيل)، كما عبّر المجلس عن رفضه لبناء المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان والضفة الغربية المحتلين.
ووفقاً لتقارير إسرائيلية، يعيش في الضفة الغربية المحتلة نحو 420 ألف مستوطن، إضافة إلى أكثر من 220 ألفا يعيشون في مستوطنات إسرائيلية مقامة على أراضي شرقي القدس المحتلة.