فلسطين أون لاين

أجا يكحلها عماها

...
مُكحلة عربية- أرشيف
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

نسعى في بعض الأحيان لمساعدة شخص ما في حل مشكلته، ولكن نجد أنفسنا قد زدنا الأمر تعقيدًا، أو قد يسعى شخص فاشل لتحقيق نجاح، أو تغييرًا في حياته ليجد نفسه متورطًا في عمل لا يطيقه، فيصدق فيه المثل القائل "أجا يكحلها عماها".

وللمثل قصتان مختلفتان لهما مغزى ترويهما لنا الحكواتية المقدسية ماجدة صبحي، القصة الأولى بطليها رجل وزوجته، فهذا الرجل كان يشك في حب زوجته له لأنها كان دائمًا صامتة لا تتحدث إليه ولا تهتم لأمره ولا تضحك معه وتتجاهله كثيرًا.

فكر الرجل في حال زوجته معه، وبحث عن الحل فذهب إلى امرأة عجوز ليخبرها عن أمره، وعن حاله مع زوجته، فنصحته العجوز نصيحة غريبة بعض الشيء إذ طلبت منه أن يضع أفعى على صدره، وهو نائم.

واشترطت العجوز على الرجل أن يكون فم تلك الأفعى مغلق بإحكام، وبالفعل نفذ الرجل نصيحة المرأة العجوز حتى تفاجأ بصراخ زوجته، وبكائها عليه عندما أرادت أن توقظه من نومه، ولكن دون جدوى.

فخافت عليه واعتقدت أنه فارق الحياة، وهنا فرح الرجل كثيرًا، وتأكد من حب زوجته له، وخوفها عليه، فنهض سريعًا ليخبرها أنه لم يمت، وأنه ما يزال حيًا وإنما أراد اختبار حبها له.

غضبت الزوجة كثيراً عندما علمت بذلك، وأقسمت أنها لن تعود إليه وتركته لفعلته تلك، ليصدق فيه المثل "أجا يكحلها عماها".

أما القصة الثانية في مختلفة تمامًا عن الأولى، إذ يقال أن قطًة جميلًة عاشت في أحد قصور الأثرياء، وقد نشأت بينها وبين وكلب القصر صداقة.

 

كان الكلب شديد الإعجاب بجمال شكل عيون تلك القطة لدرجة أنه سألها عن سر جمال عينيها فأخبرته القطة بأن لذلك الجمال سر، وهو الإطار الأسود الذي يحيط بعينيها الذي يشبه الكحل تمامًا.

فأعجب الكلب بفكرة وجود الكحل حول العين، وأراد أن يقلد القطة، ويضع الكحل في عينيه لتبدو جميلة كجمال عيون القطة.

فما كان منه إلا أن أحضر قلمًا محاولًا أن يتزين به، فوضع الكلب الكحل على إصبعه، وحاول أن يضعه على عينيه.

لكن ولسوء حظه فقد دخل مخلبه في عينه ففقأها (أصيبت عينه بالعمى)، ومن هذه الحادثة جاء المثل "أجا يكحلها عماها".

تبدو القصة الأولى أكثر منطقًا من الثانية القائمة على الخيال، لكننا نلاحظ أن كلا الروايتين تدوران حول فكرة إصلاح الشيء وتحسينه، ولكن هذا الفعل يعود بعكسه تمامًا على صاحبه.