فلسطين أون لاين

"فداء" تقود رياديات "دير السودان" نحو التمكين الاقتصادي

...
"فداء" تقود رياديات "دير السودان" نحو التمكين الاقتصادي
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

كانت فداء عبد الرازق إحدى النساء النشيطات في لجنة المرأة بقرية دير السودان شمال غرب رام الله، تحرص على حضور الندوات والدورات التدريبية، حتى تكونت لديها معرفة كافية عن بعض الحرف، ساعدتها على إطلاق العديد من المشاريع لتمكين نساء القرية اقتصاديًا.

فبمساعدة تسع من رفيقاتها، انطلقت فداء بأول مشاريعها الذي كان ماكينات خياطة، تدمج فيها النساء التطريز الفلاحي بالملابس العصرية.

ورغبة منها بأن تشمل ثقافة العمل التنموي والإنتاجي أعدادا أكبر من سيدات القرية، اتجهت فداء نحو إطلاق جمعية رياديات دير السودان التعاونية، تعمل العشرات منهن في الزراعة حيث تستأجر الجمعية أرضًا وتزرعها بالخضار الموسمية العضوية، أي دون استخدام المبيدات الحشرية أو المواد الكيميائية في عمليات التثمير والإنضاج.

ويبلغ عدد سكان "دير السودان" 2800 نسمة، ويشتهر بالزراعة الزيتون، والعنب، واللوزيات، وتربية المواشي، وقد ساعد ذلك فداء والسيدات العاملات معها في إنجاح مشاريعهن.

تقول لـ"فلسطين": "الجمعية الخيرية أسستها عام 2015 مع تسع سيدات واليوم وصل عددهن 40 سيدة، وكان عملنا يتركز على المشغولات اليدوية كالحقائب، والإكسسوارات وإدخال التطريز الفلاحي بها، وتم تدريبهن على الخياطة على الماكينة من خلال سيدة كانت تحترف الخياطة من داخل القرية".

وتتابع: "أردت توسعة عمل الجمعية فجلبت مشاريع لسيدات أخريات يعانين ظروفا معيشية صعبة، فحصلنا على دعم لتوفير خمس خلايا لإنتاج عسل النحل بعد أن خاضت 10 سيدات تدريبا على العناية بالمناحل، واليوم يعمل في مشاريع الجمعية 80 سيدة".

وخلال جائحة كورونا استأجرت فداء محلًا في القرية واستخدمته مطبخا شعبيا للتصنيع الغذائي، مشيرة إلى أن المطبخ قريب من مدرسة القرية، ويمد الطلاب بالمعجنات يوميًا، ولكن الحجر المنزلي وإغلاق المدارس دفعاها إلى إغلاقه.

لم تستسلم فداء للأمر، فحولت نساء القرية بيوتهن إلى مطابخ لتصنيع المأكولات الشعبية وبيعها تحت إطار الجمعية، كالمفتول، والكبة، ومخلل الزعتر الأخضر الفارسي الذي تشتهر به القرية والذي تجمعه النسوة من البرية، إضافة للجزر، والفليفلة الخضراء، والحمراء، والثوم، والملح، وزيت الزيتون.

حاكورة المزيونة

وبشأن مشروع الزراعة العضوية، توضح فداء أن "حاكورة المزيونة البيئية"، نفذته الجمعية بمجهود مجموعة من السيدات التي عملن على استئجار أرض زراعية بمساحة 10 دونمات، استصلحن أربعة منها بعد الالتحاق بدورة تدريبية.

وتبين أن النسوة يتبعن نظام المساطب العضوية في العملية الزراعية، حيث يقمن بحفر الأرض لعمق 50 سم، ومن ثم يضعن الزبل البلدي من مخلفات الغنم، وبعضا من نشارة الحطب، ومن ثم يردمنها بالتربة، فتصبح على شكل تل صغير تسمد بمادة "الكومبوست".

وتلفت إلى أن النسوة زرعن المحاصيل الشتوية كالقرنبيط، والملفوف، والبروكلي، والسبانخ، والحميض، والفجل، وورق اللسان، في حين زرعن مساحة دونم ونصف الدونم بالقمح البلدي.

كما عملت فداء على استصلاح دونمين لزراعة العنب، مشيرة إلى أن بقية المساحة ستزرعها بمحاصيل موسمية على مدار العام، لبيع منتجاتها وإدخال الفائض في التصنيع الغذائي.

ولزراعة القمح في الأرض مغزى كما تقول فداء، فمع دخول الشتاء أجلت الجمعية عملية إمداد شبكة الري في الأرض بانتظار حلول الربيع وهو وقت حصاد القمح، مبينة أن القش الناتج عن الحصاد ستستخدمه النسوة المزارعنت في تغطية المساطب لمنع تبخر الماء والحفاظ على رطوبة التربة، وبالتالي تقليص كميات المياه المستخدمة في الري، كما أن القش بعد تحلله يتحول إلى سماد طبيعي.

استمرار نجاح سيدات دير السودان الرياديات في مشاريعهن، قابله العديد من التحديات، تذكر فداء منها: عدم وجود مقر دائم للجمعية يسهل عليهن الاجتماع، وتصنيع منتجاتهن داخله، إضافة إلى غياب الدعم المادي من المؤسسات ذات العلاقة لأنها تشترط أعمارا صغيرة من النساء لتقديم الدعم المادي لهن.

وتختم حديثها برسالة لسيدات فلسطين: "لديك موهبة ومشروع تريدين تحسين دخلك من خلاله حاولي مرة واثنتين وستنجحين في النهاية لا تيأسي"، داعية المؤسسات والجمعيات الخيرية والجهات المانحة إلى دعم السيدات دون شروط.