فلسطين أون لاين

الحكواتي

"جنت على نفسها براقش"

...
الحكواتي - جنت على نفسها براقش
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

قالت العرب: "جنت على نفسها براقش"، وهو أحد الأمثال المتداولة منذ العصر الجاهلي، ويضرب لمن عمل عملًا ضر به نفسه، أو أهله. 

وبراقش ليست امرأة كما يعتقد بعض الناس. فمن هي براقش؟ تروي الباحثة في الأمثال الشعبية باسلة العناني أن "براقش" اسم كلبة كانت لأحد بيوت العرب في إحدى القرى الجبلية في منطقة المغرب العربي.

كانت هذه الكلبة تحرس المنازل من اللصوص، وقطاع الطرق، فإذا جاء أناس غرباء إلى القرية تنبح الكلبة براقش عليهم، وتهاجمهم حتى يفروا هاربين من القرية.

أما صاحب براقش فقد علمها أن تكون كلبة مطيعة له في كل ما يأمرها به بحيث إذا طلب منها أن تسمح لضيوفه بالمرور، فعلت ذلك، وأطاعت أمره. وإذا ما أمرها أن تطارد اللصوص انطلقت مسرعة.

توالت الأيام وبراقش على هذه الحال، إلى أن هاجم القرية مجموعة من الأعداء، فما كان من براقش إلا بدأت بالنباح لتنذر أهل القرية الذين سارعوا في الخروج والاختباء في إحدى المغارات القريبة هرباً من الأعداء الذين يفوق عددهم قدرة سكان القرية على المواجهة.

بدأ الأعداء بالبحث عن أهل القرية ولكنهم لم يجدوا أحداً، وأعادوا البحث مراراً وتكراراً، فقرر الأعداء الخروج من القرية، وفعلاً بدأ الأعداء بالخروج من القرية ففرح أهل القرية كثيراً، وشعروا بالأمان لأن العدو لن يتمكن منهم، أما براقش التي اعتادت توديع الغرباء عند خروجهم من القرية بدأت تنبح، وبشدة حين شاهدت الأعداء يخرجون من القرية.

فما كان من صاحبها إلا أنه حاول أن يسكتها، ويوقفها عن النباح لكنها لم تستجب له واستمرت بالنباح، وكان نتيجة ذلك أن عرف الأعداء المكان الذي كان يختبئ فيه أهل القرية فقتلوهم جميعاً بما فيهم براقش، ومن هنا أصبح أهل المغرب يرددون المثل الشعبي: "على نفسها جنت براقش".

وفي كتاب "مجمع الأمثال" لأبي الفضل أحمد بن محمد النيسابوري المعروف بالميداني، روى يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قال‏:‏ براقش هي امرأة كانت لبعض الملوك (زوجة ملك)، فسافر الملك واستخلفها.

وكان لهم موضع إذا فزعوا دخنوا فيه؛ فإذا أبصره الجند اجتمعوا (أي إذا رأى الجنود الدخان أسرعوا لنجدة مَن بالحصن)، وإن جواريها عبثن ليلةً فدخن فجاء الجند، فلما اجتمعوا قال لها نصحاؤها: "إنك إن رددتهم (الجند) ولم تستعمليهم في شيء (أي لم تطلبي منهم عمل شيء) ودخنتهم مرةً أخرى لم يأتك منهم أحد (لن يستجيبوا مرة أخرى)"، فأمرتهم (المرأة) فبنوا بناءً دون دارها، فلما جاء الملك سأل عن البناء فأخبروه بالقصة، فقال‏:‏ على أهلها تجني براقش، (أي أنها من تسببت بهذا البناء)، فصارت مثلًا.