"كُلٌّ يُغَنِّي على لَيلَاه"، مثل يُضرب حين يشتكي كل شخص همه، وكأن همه هو أكبر أمر في الدنيا، وفي مقولة أخرى: "كل يبكي ليلاه"، وليلى بالطبع لا يُقصد بها امرأة معينة، بل هي أي شيء يهتم به المرء.
وراء المثل قصة حقيقية ترويها الباحثة في التراث الشعبي باسلة العناني، إذ يقول الراوي أنه وفي قبيلة بين عامر العربية كان هناك فتاة تدعى "ليلى العامرية"، وكان لها ابن عم يدعى قيس بن الملوح، وقد عاشا في عهد الخليفة الأموي الثاني مروان بن الحكم وابنه عبد الملك.
كان الصبيان في صغرهما يرعيان الغنم معًا، ولما كبر قيس وقع في حب ليلى إلى أن أصبح يمشي بين الناس ويردد أبيات شعرية فيها، ولما أرادها للزواج منعها أهلها عن قيس، فأصبح يكتب وينظم الأبيات الشعرية إلى ليلى إلى أن أصابه الجنون، لذلك سمي بين القبائل بـ"مجنون ليلى"، ومن أشعاره:
وَخَبَّرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ *** لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا
فَهَذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ اِنقَضَت *** فَما لِلنَوى تَرمي بَليلي المَرامِيا
أَعُدُّ اللَيالي وَالشُهورُ وَلا أَرى *** غَرامي بِكُم يَزدادُ إِلّا تَمادِيا
وفي رواية أخرى تقول القصة إن قيسًا لم يكن مجنونًا بالفعل، ولكنه ادعى الجنون ليقل ما يحلو له من الشعر، وقيل أن كل عشاق بني أمية كانوا يستخدمون اسم ليلى، من أجل نظم أبيات الشعر في محبوباتهم، وينسبون شعرهم إلى قيس من أجل ألا يفضح أمرهم.
وذكر الأصمعي أن الكثير من بني عامر قد جنوا بليلى وقالوا أبيات الشعر فيها، وسأل الأصمعي أحد الأعراب من بني عامر عن مجنون ليلى، فقال له الأعرابي: أي واحد تقصد، فقد كان بيننا جماعة اتهموا بالجنون وجميعهم قالوا الشعر في حب ليلى، فطلب الأصمعي أن يسمع بعض الأبيات منها:
وطال امتراء الشوق عيني كلما *** نزفت دموعا تستجد دموع
فقد طال إمساكي على الكبد التي *** بها من هوى ليلى الغداة صدوع
وبسبب استبعاد أن يكون جميع شعراء بني عامر قد وقعوا في حب ليلى العامرية، ومن المستبعد أيضًا أن تكون كل الفتيات من بني عامر اسمعهن ليلى، قالت العرب "إن كلًا يغني على ليلاه"، أي أن كل واحد فيهم استخدم اسم ليلى كناية عن شيء أخر يفكرون به.