أكد باحثون مختصون بالشؤون المقدسية والاستيطان، أن قرار الاحتلال الإسرائيلي مصادرة ثلاث قرى فلسطينية تتبع محافظة رام الله والبيرة وتقع خارج جدار الفصل العنصري لمحافظة القدس المحتلة يحمل مآرب سياسية وإستراتيجية.
وأوضحوا في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" أن الأراضي الواسعة والفارغة التي تمتلكها تلك القرى، بالإضافة إلى قلة عدد سكانها، جعلا منها مطمعاً للاحتلال للاستيلاء وتسخيرها لخدمة مشاريعه الاستيطانية.
وتقع القرى المصادرة (بيت لقيا، وخربتا المصباح، وبيت سيرا) في المنطقة "جيم" الخاضعة بالكامل لسلطات الاحتلال العسكرية.
أراضٍ واسعة
ويؤكد الناشط المقدسي ناصر الهدمي، أن الخريطة الجغرافية للقرى الثلاث توضح أنها تقع خارج جدار الفصل العنصري الذي استولى على مساحات واسعة من الضفة الغربية المفترض أنها تتبع للسلطة الفلسطينية.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "إن الدخول إلى هذه القرى والخروج منها يلزم المرور أمام حاجز عسكري إسرائيلي، بمعنى أنها منفصلة تماماً عن القدس المحتلة".
وأشار إلى أن ما تمتلكه القرى من ميزات متمثلة في مساحة الأراضي الفارغة الواسعة إضافة إلى قلة عدد السكان جعلها مطمعاً للاحتلال.
وبين أن القرى تحظى بموقع استراتيجي بالنسبة للمستوطنين كونها تطل على الطريق 443 المخصص لمرور المستوطنين من القدس المحتلة إلى "تل أبيب"، وهو الطريق الذي شهد عدة عمليات فدائية من قبل.
ويرى أن استيلاء سلطات الاحتلال على هذه الأراضي سيتيح لها بناء مزيد من المستوطنات لتأمين حماية هذه الطريق من جهة، وحتى تكون قريبة على القدس ومطلة على الشارع الرئيس المذكور من جهة أخرى.
وأشار إلى المفارقة التاريخية التي يقوم بها الاحتلال بفصل أحياء يسكنها أكثر من 100-120 ألف نسمة عن القدس المحتلة بينما يضم هذه القرى، شارحاً أن الاحتلال قام بذلك للتخلص من عبء السكان ولأن تلك الأحياء لا تمتلك أراضي يمكن مصادرتها لصالح الاستيطان.
وكانت "المحكمة الإسرائيلية العليا"، جمدت منتصف الشهر الماضي، قانون تشريع مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات، الذي أقره الكنيست في حزيران/ يونيو الماضي.
مخالف للقانون
في الأثناء، تحدث مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس، عن اجتماع ممثلي القرى مع بلدية رام الله والبيرة ومدير الشؤون المدنية "لبحث الأزمة".
ووصف لصحيفة "فلسطين"، القرار بـ"المفاجئ" ولم يسبقه أية مقدمات، قائلاً "يبدو أن لدى الاحتلال مخططات لتوسيع محافظة القدس المحتلة وبالتالي توسيع الاستيطان، على الرغم من أن شرقي القدس هو في القانون الدولي، ووفقا للمادتين 242 و338 فإنها عاصمة دولة فلسطين".
وأضاف: "الاحتلال الإسرائيلي كعادته يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، لتنفيذ مخططاته التي تخدم مصالحه الاستيطانية والسياسية".
ولفت إلى أن الأهالي يرفضون هذا الضم الذي من شأنه أن يجلب لهم الويلات من ضرائب وغيرها يفرضها عليهم القانون الإسرائيلي.
وأكد أن قرار الاحتلال له كذلك أهداف استراتيجية، فهذه القرى الغنية ذات أهمية اقتصادية وذلك يجعلها ذات مطمع في عينه، ناهيك عن وجود بعد أمني كونها تعتبر مدخلاً لمحافظة القدس.
ويأتي القرار الإسرائيلي في وقت تتعالي فيه الأصوات داخل حكومة الاحتلال للسيطرة على المنطقة (ج)، والتي تشكل نسبة 61 % من مساحة الضفة الغربية.
إعادة تشكيل المنطقة
بدوره، فسر مدير مركز القدس الدولي، د.حسن خاطر خطوة الاحتلال الإسرائيلي بضم القرى الثلاث بأنها تأتي ضمن مخططات الاحتلال لإعادة تشكيل المنطقة، بما ينسجم مع أهداف الاحتلال الاستيطانية والتهويدية.
وأوضح لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يهدف إلى السيطرة على مساحات أكبر من الأراضي الفلسطينية "وطحنها تحت عجلة الاستيطان"، معتبراً أن ضم مناطق جديدة للقدس المحتلة لا يمكن أن يخدم عروبة المدينة.
ولم يستبعد خاطر رغبة الاحتلال بضم مزيد من الأراضي والقليل من السكان لصالح زيادة الاستيطان لا سيما وأن هذه القرى تشكل مكاناً حيوياً وتطل على مناطق ذات أهمية للاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن السكان شيء غير مرغوب فيه عند دولة الاحتلال، وقد تضطر لاحتمال القليل منهم لصالح مصادرة الكثير من الأراضي، مفسراً التخلص من أحياء مقدسية ودفعها خارج أسوار القدس بنية التخلص من عبء تلك الأحياء التي لا تحمل أي أبعاد سياسية أو اقتصادية ذات أهمية.
ووفقاً لتقارير حقوقية فلسطينية وأخرى إسرائيلية كمنظمة "بتسيلم" الإسرائيلية، فإن 50% من مساحة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة أقيمت على حساب أراضٍ فلسطينية خاصة.