في دراسة نشرتها صحيفة "كونفيدينسيال" الإسبانية، يقول الكاتب ألفارو إرميدا: "من المؤكد أننا سمعنا في حياتنا مقولة عاش جدي بعد الحرب وأصبح جائعًا، لهذا السبب عاش 99 سنة". وهو يشير بذلك إلى أننا نميل إلى ربط قوة الجسم بقدرته على مقاومة الموت جوعًا.
وتظهر دراسات علمية عديدة فوائد كبيرة للصيام يجهلها الكثيرون، فيؤكد الكاتب أنه "كي تعيش طويلًا أو تكون قويًا يجب أن تتألم"، ولكن من المثير للاهتمام أن هذه القاعدة تنطبق أيضا على مجال التغذية، لأن الأكل الصحي وتنشيط عمليات الأيض لفقدان الوزن وخفض الكولسترول في الدم يعد من التضحيات، وحتى تناول الكميات اليومية الموصى بها من كل المغذيات يعد أصعب بكثير مما يبدو عليه.
وتتحدث اختصاصية طب الأسرة والتغذية د. سمر النخال أن عمليات الأيض وحرق الدهون في الجسم من الأسباب الشائعة التي تدفع إلى عدم قدرة الفرد على خسارة الوزن.
وتُعرف النخال الأيض بأنه عمليات البناء والهدم في الجسم، وهو مجموعة من العمليات الكيميائية التي تحدث باستمرار داخل الجسم للمحافظة على العمليات الحيوية المختلفة.
وتبين لـ"فلسطين" أن الأيض يحدث كاستجابة من الجسم لاستبدال نقص الطاقة والمواد المغذية، حيث يعمل على حماية نفسه بإطلاق مركبات مضادة للأكسدة، وهو أمر مفيد للجسم.
وتقول النخال إن العديد من الدراسات أظهرت أن الصيام يساعد على زيادة فاعلية تلك العمليات، ولكن هناك بعض المشكلات الصحية والأمراض التي تبطئ عملية الأيض وتؤثر فيها كالأشخاص الذين يعانون مشكلات الغدة الدرقية، وتتمحور حول استهلاك سعرات حرارية أكثر مما يتم حرقها.
وتضيف أن للصيام أثرًا في صحة الإنسان في التخلص من السموم وتحسين وظائف الجسم، ولذلك يعتمد الكثير من مختصي التغذية على ما يعرف بالصيام المتقطع في غير شهر رمضان لزيادة حرق الدهون بشكل فعّال، وتحسين مستويات إفراز الأنسولين والسكر في الدم، إلى جانب العديد من الفوائد الأخرى المتعلقة بوظائف أعضاء الجسم وتخليصه من السموم.
ويحتاج الجسم إلى نسبة 40- 70% من الطاقة اليومية ليتمكن من القيام بعمليات الأيض، وهذه النسبة تختلف حسب العمر والجنس ونمط الحياة، كما أن الذين يمتلكون كتلة عضلية أعلى من نسبة الدهون في الجسم تحدث لديهم عمليات الأيض بشكل أسرع، فالخلايا العضلية تحتاج إلى مزيد من الطاقة للحفاظ عليها.
وتشير النخل إلى أن للصيام تأثيرًا مجددًا للخلايا لم يكن معروفًا، وأن الميتوكوندريا (مصانع الطاقة في الخلايا) تعمل بشكل أعلى بكثير من المستوى الطبيعي في أثناء الصيام، ما يعني تحفيز حرق السعرات الحرارية.
وتلفت إلى أن الأشخاص الأكثر سمنة والأكبر حجمًا لديهم معدلات أيض أسرع من غيرهم، فمتطلبات الطاقة لديهم تزيد لأجل الحفاظ على حجم الجسم، فهم يميلون لتناول كميات كبيرة من الطعام دون وعي، لذا فإن زيادة الوزن يجب ألا يكون الملام فيها عمليات الأيض البطيئة، وإنما السعرات الحرارية التي تدخل الجسم عبر الشراب والطعام بكميات أكبر مما يتم حرقه، لذا فإن السيطرة على ما تتناوله من سعرات هو سر خسارة الوزن والحفاظ عليه.
ووجدت بعض الدراسات، تبعًا للنخال، أن اتباع حميات غذائية قاسية قليلة السعرات تعتمد على الحرمان تقلل من معدلات الأيض، واتباعها يتسبب في زيادة الأيض البروتيني والهدم للعضلات لأجل توفير الطاقة للجسم. وكتلة عضلات أقل تعني عمليات تمثيل غذائي أبطأ، وهنا ستكون النتيجة سهولة تخزين الدهون في الجسم وتراكمها وزيادة الوزن.