تجد أحيانًا عند تعاملك مع شخص مخادع، تغير سلوكه للأفضل فتظن أنه حسن من طباع أخلاقه أو سلوكياته، وفي لحظة ما تجده يعود لطبعه الأصلي، حيث يغلب الطبع التطبع، وهو مثل وقول عربي شائع، تقصه الحكواتية المقدسية ماجدة صبحي.
حدثنا الراوي يا سادة يا كرام أن ملكًا في قديم الزمان كان ذا رأيٍ سديد، نهم للمعرفة، ويحبه قومه حبًا شديد، ولكن فكرة شغلت باله وغيرت أحواله.
ففي أحد الأيام نادى وزيره قائلًا: أنا محتار، ولدي استفسار آمل أن تكون به عليم، أيها الوزير الحكيم. رد الوزير: يا ملكي العظيم اسأل كما تختار.
سأله الملك وزيره بتعجب: هل التطبع يغلب؟ أم الطبع؟، هذا السؤال مساعيّ وجوابه مبتغاي، رد الوزير على الفور: الطبع يغلب التطبع يا مولاي، ليقل الملك: لم أقتنع بجوابك، لكن لا بأس، سأثبت لك أن الصحيح هو العكس.
تحدى الوزير الملك في قرارة نفسه، وقال: حسنًا سنرى في آخر الأمر من سيقنع من يا شاطر.
نادى الملك على حاجبه: يا ولد أذيعوا في البلد، إن كان من أحد يثبت أن التطبع يغلب الطبع، سيصير ذهبنا بين يديه كالنبع.
ذهب الحاجب ينادي: أيها الناس، أيها الرعيل من يأتي للملك بالدليل، له مكافئة ليس لها مثيل.
سمع أحدهم نداء الحاجب، وتوجه فورًا إلى الملك: السلام عليك مولاي أعلمك لقد أتيتك بالإثبات، وسأعرضه أمامك بالذات، فقال الملك: هات ما عندك هات، طلب الرجل من الملك أن يرافق إلى بهو القصر ليريه حقيقة الأمر.
خرج الملك مع الوزير والحضور، ليشاهد الدليل، ويكشف المستور، وإذ بصاحبنا قد درّب قططًا، على حمل الشموع ما إن ترى الملك بين الجموع.
دهش الملك قائلًا: أحسنت أيها الرجل الفريد، أقنعتنا بصنعك المفيد، المكافئة لك، بل سأعطيك المزيد.
نظر إلى الوزير: ما أنت بصانع أثبتنا لك بالدليل القاطع أن التطبع ليس له رادع.
ليرد الوزير: اعذرني على مولاي لم أقتنع بهذا العرس، وسأثبت لك العكس، فما قدمه الرجل مجرد خدعة، فنادى: يا غلام أطلق الفئران بسرعة.
وبأمر من الوزير الماكر انطلقت الفئران بسرعة شديدة، ولما رأتها القطط ألقت الشموع، وأخذت تجري خلف الطريدة.
مشى الوزير إلى الملك المغتر، وهمس له في أذنه بفخر: والآن يا جلالة الملك أخبرني رأيك وما ترى، قال الملك: معك حق الطبع غلب التطبع، رأيت ما جرى.
وأصبحت تلك الإجابة مثلًا على كل لسان في المواقف التي تظهر فيها حقيقة الإنسان، ويشبهه القول المأثور ما شب على شيء شاب عليه.