فلسطين أون لاين

القطايف.. حلوى شعبية تزين سهرات الغزيين في رمضان

...
القطايف.. حلوى شعبية تزين سهرات الغزيين في رمضان
غزة/ أدهم الشريف:

ما إن تشق الشمس خيوطها صباح كل يوم رمضاني، يبدأ رمضان النمر بتجهيز عجين القطايف، الحلوى الأكثر شعبية على موائد الغزيين.

واعتاد النمر على هذه المهنة منذ سنوات، وقد تعلم أصول صناعة الحلويات الشعبية من والده الذي يعمل في هذه المهنة منذ سنوات طويلة. 

وأصبح محل النمر لحلوى القطايف، مقصدًا أساسيًا لرواده في سوق الشيخ رضوان، شمالي مدينة غزة والذي يمتلأ بالمتسوقين منذ ساعات الصباح، وتزداد الحركة السوقية مع آذان العصر إذ يتجمهر العشرات أمام الفرن للحصول على القطايف.

بأحجامٍ مختلفة يسكب النمر العجينة على صفيحٍ حديدي ساخن، فتتماسك القطع التي تتكون على شكل دوائر، وتشكل أقراصًا دائرية مزركشة الأطراف وذهبية اللون.

يبدأ بعد ذلك بمساعدة شقيقه وعاملين آخرين في فرز الأقراص حسب أحجامها المختلفة، الكبيرة لتشكيلها على هيئة أهلّة، والصغيرة مخصصة "للعصافيري" كما يسميها أهل الشام.

ولا تقتصر المنتجات التي يبيعها النمر على القطايف، إذ يصنع أيضًا كميات من حلوى العوامة والحلب والْغُريْبَة، خاصة في فصل الشتاء، لكن هذه الحلويات لا تقلى رواجًا لدى الزبائن في رمضان، لذلك يتوقف عن صناعتها في الشهر الفضيل.

ويبدو رمضان (27 عامًا) وشقيقه بلال (25 عامًا) سعيدين وهما يصنعان القطايف لقرابة 16 ساعة يوميًا في رمضان، بالرغم من ما يتكبدانه من تعب جسدي.

ويوضح النمر أن عجينة القطايف تتطلب مهارة في إعدادها، بالرغم من أن مكونها الأساسي هو الدقيق والخميرة والماء ومكونات أخرى، "فأي خطأ في المكونات زيادة أو نقصان قد يتسبب في إفساد العجنة وخسارتها"، لافتًا إلى أن الأحوال الجوية صيفًا وشتاءً تلعب دورًا في تقدير المكونات المناسبة اللازمة لصناعة القطايف.

ولا يضع المحل لافتة تبين اسمه، لكن رواده اعتادوا على تسميته باسم "أبو رمضان" نسبة إلى مالكه مصطفى، وهو رجل خمسيني يعمل في المهنة منذ 35 عامًا.

واعتاد أبناء أبو رمضان على صناعة القطايف يومي الجمعة والخميس من كل أسبوع طيلة أيام العام، غير أن بيع هذه الحلوى تجارة موسمية رابحة في رمضان، ولكنها مؤخرًا تتأثر بالحالة الاقتصادية والحركة الشرائية.

ويلفت إلى أن الأيام الأولى من رمضان تشهد طلبًا كبيرًا على فطائر القطائف المفضلة لدى الغزِّين فلها أجواء خاصة ومتوارثة شعبيًا.

وعن أسعار بيع القطائف يوضح النمر أن الأسعار متقلبة من عام لآخر تبعًا لأسعار المواد الخام كالدقيق والسميد والزيت والسكر وغيرها، مشيرًا إلى أن الكيلو جرام يباع بثمانية شواقل.

سيدة الحلويات

ويُعد النمر لزبائنه أكثر من حجم من القطايف منها صغيرة الحجم تسمى عصافير، وتحشى بالقشطة والعسل والمكسرات، والحجم الوسط ويصنع منه المواطنين قطايف محشوة باللبن والزبيب والجبن العكاوي، وذلك الحجم الكبير، المفضل لإعداد القطايف بالمكسرات وعين الجمل والتمر.

كما يحرص على توفير سلع جانبية أخرى إلى جانب فطائر القطايف، كحشو المكسرات والقطر، لافتًا إلى أن الناس اعتادت على أكل القطايف إما مشوية بالفرن وإما مقلية وإما نيئة بعد غمسها بـ"القطر" (الماء والسكر).

ويقول النمر إن المواطنين في غزة يعتبرون القطايف "زينة الشهر الفضيل، فلا يكاد بيتٌ يخلو منها، خاصة أنها رخيصة الثمن، يستطيع الفقير والغنيّ صناعتها أو شراءها".

وتعددت الروايات في تأريخ صناعة القطايف، إذ تقول إحدى الروايات: إنها تعود للعهد الأموي وأخرى للعباسي، بينما تذكر الرواية الأكثر تداولًا أنها تعود للعهد "المملوكي"، إذ جمع أحد الملوك المملوكيين صانعي الحلوى وطلب منهم تقديم صنف لم يصنعه أحد من قبل، فابتكر أحد الحلوانيين فطيرة محشوة بالمكسرات تُسمى القطايف.

وتفيد روايات أخرى بأن تسمية القطايف بهذا الاسم، يعود إلى العصر الفاطمي، إذ كان الطهاة يتنافسون على تحضير أنواع الحلويات في الشهر الفضيل، وكانت فطيرة القطايف من ضمنها، إذ حضّرت بشكل جميل مزينةً بالمكسرات وقُدمت على طبق كبير، فأخذ الضيوف يتقاطفونها لشدّة لذتها.