فلسطين أون لاين

زاوية الحكواتي

"ما احنا دافنينه سوا"

...
قصة مثل:" ما احنا دافنينه سوا"
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

"ما احنا دافنينه سوا"، مثل شعبي فلسطيني سائد ومتداول وقد لا يخلو مجلس يسر فيه أحدهم إلى الآخر إلا ويذكره كدلالة على السر الواقع بين اثنين ولا يعرفه غيرهم، ولكن ما قصة هذا المثل الرائج أيضًا في عموم بلاد العالم.

تقص الحكواتية المقدسية ماجدة صبحي الموقف الذي قيلت فيه هذه العبارة حتى تحول لمثل شعبي، إذ يُحكى أن في قديم الزمان، كان هناك أخوان فقيران يمتلكان حمارًا يساعدهما في إنجاز أعمالهما، ويستخدمانه وسيلة للمواصلات، ويقضيان به حوائجهما، أحباه كثيرًا وعدّاه فردًا من عائلتهما حتى أطلقا عليه اسم "أبو صابر".

وفي أحد الأيام ذهب الأخوان إلى سفر وعندما كانا في الصحراء وقع الحمار ومات، فحزنا عليه حزنًا شديدًا، وقاما بدفنه دفنًا لائقًا وظلا بجوار مدفنه يبكيان حتى أن كل من مر عليهما، وسألهما عن سبب الحزن يخبرانه بموت "أبو صابر"، فتعاطف معهما الناس وظلوا يشاركونهما البكاء، ويتصدقون عليهما بالمال، ظنًا منهم أن "أبو صابر" شيخ جليل أو عبد صالح حتى حزنا عليه كل هذا الحزن.

دهش الصديقان مما جمعاه من مال، نظرا للقبر وقالا: "الله يرحمك يا أبو صابر مثلما نفعتنا حيًّا وميتًّا". ثم لمعت في ذهنهما فكرة لاستثمار تعاطف الناس، بإقامة مقام لقبر الحمار أبو صابر لكي يجمعوا الغنائم.

أنشأ الشقيقان خيمة على مدفن "أبو صابر" ويوم تلو الآخر يزيد إقبال الناس عليهما ويتبرعان لهما بالمال، ثم استبدلاها بحجرة صغيرة، وما زالت التبرعات تتدفق عليهما، حتى أصبح مدفن أبو صابر مزارًا يقصده الناس لفك السحر، وتزويج "العانس".

وبات "المقام" حديث الألسن حتى كوَّن الأخوين ثروة كبيرة تقاسمها، وذات مرة تشاجر الأخوان بسبب النقود فقال أحدهما: "سأطلب من أبو صابر أن ينتقم منك" ضحك أخاه وهو يشير بيده إلى المدفن وقال "نسيت الحمار، داحنا دافنينه سوا". 

وبذلك صارت قصة الحمار "أبو صابر" مثلًا يضرب حينما يريد الناس التعبير عن أن بواطن الأمور التي قد لا تبدو مثل ظواهرها، وأن المكر لا يجدي بين أشخاص يعرفون تفاصيل بعضهم جيدًا.