ما يحدث في كيان الاحتلال من أحداث دراماتيكية ومتسارعة على صعيد التركيبة الداخلية، لم يعد هناك إمكانية لإخفائه أو التساؤل على مدى تأثيره على الكيان، بل السؤال الذي يطرح، مدى قدرة ذلك على تهشيم الكيان وتفكيكه، وهذا السؤال المنطقي يطرح كبار السياسيين والمؤرخين لدى الاحتلال، وهم يشاهدون الأنظمة التي بنيت على مدار ما يزيد على 70 عامًا، ووسط غياب للرموز الوطنية والدينية لديه، وتركز القوة في عناصر محددة، تركز على مصالحها الشخصية والحزبية، على حساب عناصر القوة لدى الكيان.
ما يسمى التعديلات القانونية لدى الاحتلال، والتي تقوم بشكل أساسي على فكرة تقليص دور السلطة القضائية لصالح السلطة التنفيذية، إلى جانب إقرار قوانين خاصة ترتبط بأشخاص بعينهم، بينهم حماية نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال من المحاكمة والملاحقة، وكذلك ما يعرف بقانون ادرعي الوزير من حزب شاس، والذي تم محاكمته سابقًا بالرشاوى، واعتقاله لسنوات، ويتم حمايته حاليًا، وضمان تعيينه وزيرا في الحكومة.
الأمر أصبح أبعد من تعديلات قانونية، بل الحالة التي تسود كيان الاحتلال من حالات تمرد في مستويات دبلوماسية، وحزبية، وحكومية، وصولا الى الجيش، وهو المنظومة الأقوى والأكثر تماسكا لدى الاحتلال على مدار سنوات، وحافظت على وحدة الكيان في مواجهة المخاطر الخارجية.
مظاهر الفلتان التي قادها المستوطنون في شوارع تل أبيب والقدس، وفي الضفة الغربية، هي تعبير على سيطرة الزعران والرعاع على الحكم في كيان الاحتلال الذين يرون في المنظومة الرسمية الإسرائيلية تعمل لصالحهم، والحفاظ على مصالحهم على حساب الدولة، وتماسكها.
ما يهمنا نحن كفلسطينيين من هذه الصورة هو فضح هذه الحكومة والكيان والمتطرفين جميعًا، بأن الأكذوبة التي ساقها لها الاحتلال بأنه واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط هي أكذوبة، وأن الديمقراطية الداخلية هي وهم وخداع، انكشف أمرها مع تولي المتطرفين نتنياهو وبن غفير وسموتريتش إدارة الحكومة، وأن هؤلاء الذين جاءوا مدعومين من المجتمع الصهيوني المتطرف، هو تعبير حقيقي عن هذا الكيان الغوغائي الذي تقوده المصالح، وأن عداءهم مع الفلسطينيين هو عداء لمصالهم الشخصية والحزبية، وأن المستوطنات في الضفة هي لخدمتهم الاقتصادية، وأن خداع بعض المطبعين العرب في المنطقة بتطور الكيان هو كذب ينطلي على البلهاء من المطبعين العرب.
الصورة التي بناها الغرب عن الكيان لم تعد موجودة، وعلينا أن نرسخ صورة الكيان الحقيقية القائمة على القتل والإرهاب والعنصرية، والمصالح الاقتصادية لأحزابه وقيادته، وأن ما يحدث اليوم هو نتاج طبيعي لجرائمهم التاريخية ضد شعبنا الفلسطيني، واغتصاب فلسطين التاريخية، التي أقيمت عليها مستوطناتهم ومدنهم التي أقيمت على مدن قرى فلسطين التاريخية، وان أكذوبة الديمقراطية على خداع، لم يمكن الاستمرار بقبوله.
الأمر الأكثر أهمية أن نبني في أذهان الجميع عن قيم وحقوق شعبنا في مواجهة الاحتلال ومقاومته، لاستعادة حقوقنا الوطنية وأرضنا، ومقاومته بكل السبل الممكن ومنها المسلحة، ونحن نفعل ذلك كل يوم، وبناء صورة حقيقية بحتمية انهيار كيان الاحتلال المبني على القتل والإرهاب والدماء، وأن مقاومة ما يزيد على 74 عاما هي مشروعة في مواجهة الاحتلال، واستعادة الحقوق في وجه نظام قمعي إرهابي.
صورة الكيان الهش، يجب أن تكون حاضرة في أذهان الجيل الفلسطيني والعربي والمسلم حاليًا، بأن انهياره وهزيمته أمر وارد جدًا، وأن ضعفه الداخلي هو جزء من هزيمته، وانهياره، وانفضاح أمره، وأن أي مواجهة قادمة ستكشف كذبك عن ضعف الكيان بكل منظومته العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية، وأن هشاشة وضعه الداخلي جزء ومقدمة لما بعد ذلك، من عوامل تفكك الكيان.