فلسطين أون لاين

الحكواتي

عادت حليمة إلى عادتها القديمة

...
صورة تعبيرية
غزة/ مريم الشوبكي:

يجاهد البعض نفسه من أجل التغيير بدافع نفسي أو اجتماعي، أو بعدما يمد أحدهم له يده لمساعدته نحو تغيير طبعه، لكن في لحظة ما تجده يعود إلى طبعه السابق، فلا نجد غير المثل الشائع "رجعت حليمة لعادتها القديمة".

يتداول الناس هذا المثل القديم ولا يزال حاضرًا حتى يومنا هذا، ويتردد في كثير من الدول العربية، وله مقولات مختلفة "عادت ريما لعائلتها القديمة"، أو "عادت ديما لعادتها القديمة".

تأخذنا الباحثة الفلسطينية باسلة العناني في رحلة مع الزمن، لتحكي لنا حكاية حليمة التي عادت إلى عادتها القديمة.

حدثنا الراوي أن امرأة ذات حُسن تُدعى حليمة بالغت بالتقطير وإمساك اليد، فتطبعت بخصلة البخل الذميمة، وتزوجت من رجل كريم معروف يحب إغاثة الملهوف، حاول بكل طريقة تغيير طباعها العتيقة.

وفي يوم من الأيام قال الرجل لزوجته: "ما بالك يا حليمة ألم تجهزي بعد الوليمة؟ في المجلس ينتظر السادة فلا تقللي الدسم واللحم كالعادة"، لترد: "يا لتعاستي ونحسي ما هذا الزوج المبذر، أصابني وجع برأسي، كم مرة عليّ أن أنذر وأحذر، من كثرة الضيوف فرغت الرفوف، أنت تفطر في الإسراف، والله إنك لرجل متلاف".

يوبخها زوجها قائلًا: "بدلًا من اللوم والتقريع تخلصي من طبعك الشنيع، عيب يا امرأة يدك ترتجف فوق الطعام، كأنت ترتكبين فعلًا الحرام".

وذات يوم خطرت لرجل فكرة ذكية ليجعل من زوجته كريمة سخية، فذهب إليها صباحًا مرددًا: "أهلًا بزوجتي الصريحة ومؤنستي الفصيحة"، لتجيبه: "ماذا تريد في هذه الصبيحة؟". ضحك الرجل قائلًا: "من دون مقدمات لك عندي نصيحة"، أجابت: "سأنفذها فقط إن كانت مريحة".

كانت نصيحته بأن الأجداد قالوا كلامًا ذا فائدة: "كلما أكثرت المرأة السمن في المائدة لن يدركها الموت، وستظل خالدة"، تعجبت وقالت: "أحقًا ما تقول، الدسم في الزاد يطيل عمر العباد" قال نعم يا حليمة وحتى الجمال والشباب يزداد، وأقسمت ألا تطعمه إلا ما يسر المعدة والفؤاد.

ولسنوات غلبت حليمة زوجها في السخاء وذاع صيت كرمها في الأرجاء، حتى جاء يوم وماتت لها بنية، فحزنت عليها ولم تعد تطيق البقاء حية، تندب "لا أريد لحياتي أن تدوم، لذا سأقطع الدهن واللحوم"، وهذا لم يكن لزوجها بحسبان، فأصبح كرم حليمة طي النسيان و"عادت حليمة لعادتها القديمة".

وأصبحت هذه المقولة مضرب مثل يجوز بكل شخص يفوز طبعه في النهاية، وهناك ما يشبهه قول مأثور "غلب الطبع التطبع".