يمتنع بعض المرضى عن أخذ الحقن في نهار رمضان حتى لا يفسد صومهم، ظنًا منهم أن الحقنة بكل أنواعها مفطرة، ويكثر سؤال الناس قبيل رمضان عن هذه المسألة، هل الحقنة مفطرة؟ هل هناك أنواع معينة من الحقن لا تفطر؟ لو اضطر الصائم لأخذ الحقنة هل عليه قضاء؟ وغيرها من التساؤلات حول الموضوع.
وقبل توضيح آراء العلماء في المسألة، تجدر الإشارة إلى أن جمهور الفقهاء مُجمع على أن المفطرات هي كل ما وصل إلى جوف الإنسان (أي معدته) من منفذ طبيعي مفتوح كالفم والأنف والأذن.
وكلمة الحقن أو "الإبر" تشمل ما يعطى تحت الجلد أو في العضل أو في الوريد، ومن هذه الحقن ما يؤخذ للتداوي، أو للتقوية أو للتغذية.
ونقل الشيخ يوسف القرضاوي –رحمه الله- إجماع علماء العصر على أن الحقن التي تؤخذ للتداوي كخافضات الحرارة أو الضغط، والحقن التي تؤخذ للتقوية كالحقن المحتوية على الفيتامينات بأنواعها أو الكالسيوم، بأنها لا تفطر وذلك لعدم وصولها إلى الجسم من منفذ مفتوح، وليس فيها غذاء للجسم ينافي حكمة الصوم في الجوع والحرمان.
واختلف الفقهاء في حكم الحقن التي تعطى في الوريد وتكون بهدف التغذية كالحقن التي تحتوي على الجلوكوز، فمن العلماء من يرى هذا النوع من الحقن مفطرًا لأنه يحمل غذاء يصل إلى داخل الجسم وينتفع به، معللين ذلك بأنه إذا كان الغذاء عن طريق الفم يفطر بالنصّ والإجماع، فبالتالي تكون هذه الحقن مفطرة لأنها تحتوي على خلاصة الغذاء الذي يصل الدم مباشرة.
ومن العلماء من يرى أن هذا النوع من الحقن لا يفطر، وعلة ذلك أنه لا يدخل إلى الجسم من منفذ طبيعي مفتوح، ولا يذهب الجوع أو العطش، ولا يشعر من تناول الحقنة بالشبع لأنها لا تدخل للمعدة ولا تمر بالجهاز الهضمي.
ولا يصح عدّها مفطرة برأيهم، لمجرد أن من تناولها يحس بالنشاط والانتعاش، "فلو اغتسل الصائم بماء بارد سيشعر بالنشاط، ولا يكون مفطرًا بذلك بالإجماع".
والرأي الثاني هو ما رجحه الشيخ القرضاوي في كتابه "تيسير الفقه"، وعقّب بعد الترجيح بقوله: "والأمر في هذا يسير، إذ لا يحتاج إلى هذا النوع من الحقن إلا مريض بلغ به المرض مبلغًا، أو خرج من عملية جراحية يحتاج معها إلى التغذية الصناعية، ومثل هذا ينبغي أن يفطر ولا حرج".