اعتبر متحدثون سياسيون جرائم حكومة المستوطنين الفاشية برئاسة بنيامين نتنياهو المتصاعدة، ولا سيما في مدينة القدس المحتلة، صاعق تفجير للمنطقة.
ورجّح المتحدثون في ندوة عقدتها صحيفة "فلسطين" في مقرها بمدينة غزة أمس، أن تشهد المدينة المحتلة المزيد من انتهاكات الاحتلال العنصرية، في محاولة لإثبات نفسها وزيادة مساحة تأييدها في صفوف المستوطنين.
وحضر الندوة بعنوان "القدس في مواجهة حكومة المستوطنين الفاشية"، المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس في القدس محمد حمادة، والمختص في العلاقات الدولية إياد الشوربجي، وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي ورئيس قائمة "الحرية والكرامة" المقيم بالقدس د. أمجد شهاب، والمدير العام لصحيفة "فلسطين" رامي خريس، وعدد من العاملين بالصحيفة.
مخططات علنية
بدوره شدّد حمادة على أن المقاومة جاهزة لكل الخيارات حال أقدم الاحتلال على العبث بالوضع القائم بالمسجد الأقصى وأحياء القدس المحتلة، أو تجرّأ على حياة الأسرى في سجونه، وأن المطلوب الآن تثوير الشباب للدفاع عن مقدساتهم في كل فلسطين المحتلة.
وقال حمادة: إن الاحتلال كان ينفذ جزءًا من مخططاته في القدس بصمتٍ، لكن الفترة الحالية بدأ تنفيذها بضجيج كبير تطبيقًا لتطلعات قادة التيار الديني القومي في كيانه، وخاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير.
وأشار إلى أن الاتفاقيات الائتلافية التي يضغط باتجاهها حلفاء نتنياهو وما يترتب عليها من سياسات وجرائم، ستمنح الشباب الثائر وثورتهم القوة والدرع لإبطالها وإفشالها، مدلّلًا على ذلك بالعصيان المدني في عناتا وشعفاط.
وأضاف أن نتنياهو قد يحاول استخدام ملف القدس كأداة ابتزاز لحلفائه داخليًّا، وعلى رأسهم "بن غفير" و"سموتريتش" أو "الحريديم" في محاولة منه لكبح جماحهم أو تحويلهم إلى فزاعة ضد بعضهم البعض.
وتابع أن مخطط هدم وإزالة قرية خان الأحمر التي تأوي البدو الفلسطينيين، امتنع نتنياهو عن تنفيذه طيلة فترة حكمة السابقة، لكنه على رأس أولويات حكومته الحالية، وذلك عبر خطة الإزاحة والحصار ببناء قرية صغيرة لسكان الخان وحشرهم فيها والاستيلاء على أراضي الخان الإستراتيجية لمصلحة خطة البناء الاستيطاني، وخصوصًا خطة "E1".
مزاعم إسرائيلية
من جهته قال الشوربجي: إن مدينة القدس تحظى برمزية كبيرة محليًا وعالميًا، ولذلك فإن الاحتلال حريص على السيطرة عليها انطلاقًا من مزاعمه أنها "عاصمة آمنة" لدولته المزعومة.
اقرأ أيضاً: خاص صبري: 3 حصارات إسرائيلية حول القدس والأقصى
وأضاف الشوربجي في كلمة ضمن الندوة أن الاحتلال يسابق الزمن لتهويد القدس ضمن رؤيته الإستراتيجية المتأصلة في السياسية الصهيونية، وأن مخططاته تتصاعد مع وجود الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية، لافتًا إلى أن اليمين الإسرائيلي يتصدر المشهد في وقت يبدو فيه اليسار ضعيفًا، وأثبت ذلك عدم حصوله على نتائج في انتخابات "الكنيست" الأخيرة، أما الحكومة الحالية فهي حكومة مستوطنين متعصبين عنصريين يتصدرون المشهد السياسي.
وأكد أن حكومات الاحتلال تتعامل مع قضية القدس بأبعادها الدينية والحضارية بما يتوافق مع رؤية الغرب ورئيس الإدارة الأمريكية السابقة دونالد ترامب، الذي أعطى الكيان ما لم يعطه أحد من قبل، ونقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إلى القدس وزعم أنها عاصمة للاحتلال.
وتابع أن السباق لتهويد القدس والأقصى بالتقسيم المكاني والزماني، وتنفيذ مشروع القدس الكبرى عبر مشاريع التوسع الاستيطاني، محموم ولا يتوقف، مشيرًا إلى تطلعات الاحتلال لوضع موطئ قدم في القدس ضمن عملية متدحرجة للسيطرة على المدينة تنفيذًا لرؤية إسرائيلية إستراتيجية تشمل الأبعاد السياسية والاقتصادية والإدارية في القدس.
وبيّن أن المقاومة والعمليات الفدائية داخل القدس تعطي قوةً وتأثيرًا مضاعفًا عن غيرها من العمليات في بقية المناطق الفلسطينية، وهي تعكس عدم قدرة الاحتلال على السيطرة على ما يزعم أنها عاصمته، بل تظهر هشاشته وضعفه وهو ما يثبت عدم أحقيته بهذه المدينة.
القضية الأولى
من ناحيته أكد شهاب أن مدينة القدس تمثّل جوهر الصراع مع الاحتلال، وسقوطها يعني إنهاء ما تبقى من القضية الأولى بالنسبة للعالم العربي والإسلامي، مشيرًا إلى أن المحتل يستخدم العديد من الأساليب والطرق لفرض السيطرة والهيمنة على كامل أحياء وقرى المدينة منذ احتلالها كاملة عام 1967.
ولفت إلى تصاعد وتيرة اعتداءات وجرائم الاحتلال في السنوات الأخيرة، ومنها التوسع الاستيطاني والاستيلاء على الأراضي في مناطق حساسة تهدد التواصل الجغرافي بين قرى وأحياء القدس تزامنًا وزيادة وتيرة هدم منازل المقدسيين وإجبار أصحابها على هدمها بأيديهم.
وأكد أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى تطويق الأحياء الفلسطينية والحدّ من توسعها، لضمان عدم وجود نمو ديمغرافي فلسطيني في المستقبل، مقابل منح المستوطنين مساحات واسعة لتنفيذ الانتهاكات والسيطرة على المزيد من الأراضي والأملاك الفلسطينية بالقدس.
وأشار إلى "ثورة الأنفاق" الإسرائيلية أسفل مدينة القدس والمسجد الأقصى، إذ تُولي سلطات الاحتلال هذه المشاريع اهتمامًا كبيرًا ضمن إستراتيجيتها لتهويد المدينة وتغيير معالمها، محذرًا من مخاطر هذه الأنفاق على مستقبل المسجد المبارك.
في مقابل ذلك لا يوجد أي خطة معدة مسبقًا من السلطة والمراجع المعروفة في القدس لمواجهة فعلية لمخططات الاحتلال ومشاريع التهويد، بحسب شهاب.
وتابع أن القدس التي تعدّ عاصمة فلسطين الأبدية، لا يوجد في الميزانية الفلسطينية العامة موازنة مخصصة لدعم صمود أهلها خاصة في قطاع التعليم والعمل والإسكان في الوقت الذي يضطر فيه الشبان إلى ترك المدينة بسبب عدم توفر السكن وارتفاع ثمنه، والذهاب إلى ضواحيها.