يعكس استخدام الفدائي ليث نصار (28 عامًا) سلاح "الكارلو" في استهداف مستوطنين داخل مركبتهما ببلدة حوارة في مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، أول من أمس، مدى الأهمية التي يحظى بها هذا السلاح القديم جدًا بالنسبة للمقاومين في الضفة الغربية التي تشهد تصاعدًا لافتًا للعمل المقاوم ضد الاحتلال.
ورغم أن هذا السلاح القديم الذي صنعه السويدي كارل جوستاف في الحرب العالمية الثانية، أصبح لا يقارن بالأسلحة الرشاشة الحديثة ومدى دقتها وقوتها، إلا أنه سلاح مفضل لدى الفدائيين الفلسطينيين.
وتاريخيًا، استطاعت مصر تقليد سلاح الكارلو الرشاش، عام 1956، وصنعت نسختها الخاصة وأطلقت عليه حينها بورسعيد، وقد رافق الجنود والضباط المصريين عندما دخلوا الأراضي الفلسطينية، وكان سلاحًا أساسيًا بالنسبة لهم.
ومن بين هؤلاء الضابط المصري مصطفى حافظ، كما يفيد المؤرخ سليم المبيض، حيث كان يقود مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين والجنود المصريين في تنفيذ عمليات بطولية ضد أهداف ومعسكرات تابعة للعصابات الصهيونية خلال السنوات التي تلت النكبة الفلسطينية سنة 1948.
وأضاف المبيض لـصحيفة "فلسطين": أن سلاح الكارلو كان أساسيًا للمجموعات المقاتلة مع مصطفى حافظ، وقد أوقعوا خسائر كبيرة في صفوف اليهود بمدينة "تل أبيب" بعد مجازر بشعة نفذها الاحتلال بخان يونس، جنوبي قطاع غزة.
وتشير مصادر تاريخية إلى أن حافظ تولى عام 1949 مهمة إدارة عمليات التجسس داخل (إسرائيل) والاستخبارات المضادة داخل قطاع غزة والإشراف على السكان الفلسطينيين، وفي عام 1955 أصبح مسؤولاً عن كتيبة الفدائيين في مواجهة "الوحدة رقم 101" التي شكلها آنذاك إرئيل شارون، للإغارة على القرى الفلسطينية والانتقام من عمليات الفدائيين.
لاحقًا وبعد عشرات السنين استطاع الفلسطينيون تقليد سلاح الكارلو باستخدام إمكانيات بسيطة جدًا، وبرز استخدامه بحلول انتفاضة الحجارة، 1987، وقد نجح فدائيون في قتل مستوطنين وجنود إسرائيليين بهذا السلاح، كما فعل عماد عقل، القيادي البارز في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
وفي عملية بتاريخ 4 مايو/ أيار 1992، نفذها عقل باستخدام "الكارلو"، قتل قائد شرطة الاحتلال بغزة الجنرال "يوسيف آفنيبغد"، كما توثق مراجع تاريخية.
اقرأ أيضاً: العواودة: المقاومة في الضفة تشهد تطوراً في الأداء
واستخدم "الكارلو" أيضًا في عمليات نوعية، ضربت إحداها مركزًا تجاريًا قرب وزارة جيش الاحتلال وسط "تل أبيب" يوم 8 يونيو/ حزيران 2016، وقتل خلالها منفذا العملية محمد وخالد مخامرة من بلدة يطا قضاء الخليل، 4 إسرائيليين وأصابوا 6 بجروح.
وكذلك استخدم 3 شبان سلاح "الكارلو" بتنفيذ عملية أخرى في فبراير/ شباط 2016، في منطقة باب العامود بالقدس المحتلة، أسفرت حينها عن مقتل مجندة وإصابة عدد من الجنود، إضافة إلى عملية أخرى في الشهر نفسه بمدينة القبيبة قرب القدس.
ويوم 22 ديسمبر/ كانون أول 2020، استطاع الفتى محمود عمر كميل (17 عاما) تنفيذ عملية فدائية قرب باب حطة أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، باستخدام "الكارلو"، أسفرت عن إصابة جندي إسرائيلي.
وأرجع الخبير في الشؤون العسكرية اللواء يوسف الشرقاوي، سبب اعتماد الكثير من الفدائيين حتى هذا الوقت على سلاح "الكارلو" خاصة بالنسبة للمقيمين في الضفة الغربية، إلى سهولة إخفائه بسبب حجمه الصغير، والقدرة على تقليده محليًا.
وأشار الشرقاوي لـ "فلسطين"، إلى أن عدم توفر بدائل متاحة من أسلحة رشاشة في الضفة الغربية يجعل بعض الفدائيين يلجؤون إلى "الكارلكو" لتنفيذ عمليات فدائية، لاسيما أن الأسلحة الرشاشة مرتفعة الثمن كثيرًا في الضفة الغربية.