فلسطين أون لاين

وصول "ألماسة" لحلمها المسرحي.. "كل شي بوقته حلو"

...
وصول "ألماسة" لحلمها المسرحي.. "كل شي بوقته حلو"
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

لمدة قريبة مارست ألماسة أبو سنينة من بلدة بيت حنينا شمالي العاصمة المحتلة حبها للتمثيل أمام مرآة مسرحها المغلق، بعدما أُغلقت في وجهها جميع الأبواب من عائلتها.

دارت السنون دون أن يخبو شغف ألماسة بالمسرح الذي مارسته بالخفاء بعدما أنهت دراستها الجامعية، حتى جاء اليوم الموعود وقدمت شخصية "نايلونة"، فجأة وهي على خشبة المسرح سمعت صوت ضحكات عالية، التفتت نحو مصدر الصوت فإذا بوالدها يقف بين الجمهور ويصفق بحرارة منبهرًا بأداء ابنته.

الرفض العائلي دفع ألماسة نحو دراسة الخدمة الاجتماعية التي وجدت بينها وبين المسرح جسرًا، إذ تمكنت من توظيف تخصصها في خدمة المسرح، لتعمل حاليًا مدربةً للدراما، والسيكودراما واستخداماتها كوسيلة علاج وتشخيص للأطفال.

الطريق نحو المسرح لم يكن ممهّدًا أمام ألماسة، "فمنذ الصغر تأثرت بأفلام الكرتون كساندي بيل، وموكلي، وسيمبا، وكنت أتقمص تلك الشخصيات وأقلّدها، كما كنت بارعة في تقليد أفراد عائلتي، أعمامي وعماتي وغيرهم".

نقطة تحول

تقول لـ"فلسطين": "جاءتني أكثر من فرصة للتمثيل وفي كل مرة كانت عائلتي ترفض الأمر، حتى اخترت التخصص الجامعي الذي أريده كاختصاصية اجتماعية، وهناك سنحت لي الفرصة في التدريب الميداني فتطوّعت في مؤسسة برج اللقلق، ومن ثم عُيّنت كأمينة مكتبة فيها".

لم تكن ألماسة أمينة مكتبة تقليدية، إذ كانت تتقمّص شخصية الحكواتية وتقدم للأطفال القصص بطريقة شيّقة وجذابة، غير أن نقطة التحول التي أدخلتها عالم المسرح كانت على يد الفنان المقدسي يعقوب أبو عرفة، الذي أسّس مؤسسة نخلة الشبر لمسرح الطفل والذي آمن بموهبتها، ودعاها لمشاركته المسرحيات التي يقدمها، وكانت آنذاك تعمل موظفة في إحدى المؤسسات الحكومية في القدس.

بعد ارتباطها بمؤسسة نخلة استقالت ألماسة من وظيفتها، "لأنها لم تلبِ طموحي يومًا، ولم أرغب في أن أكون اختصاصية اجتماعية تقليدية، أردت التفرغ للعمل في مسرح الطفل".

كل هذا المشوار وعائلتها لم تكن تعلم بعملها المسرحي، حتى حان وقت عرض مسرحية "نايلونة"، هنا تملّكت ألماسة الشجاعة لإخبار أهلها، ولكنها كانت في صراع بين احترام رغبة أهلها وعدم الصدام معهم، وفي الوقت نفسه إصرارها على كسر الصورة النمطية السلبية لديهم تجاه الفن.

دعت والدها ووالدتها لحضور أول عرض مسرحي لها، وهنا كانت المفاجئة، تقول: "أصابتني صدمة كبيرة حين سمعت ضحكات أبي في المسرح، وتصفيقه الحار وإعجابه الشديد بأدائي، بعدها صار مستشاريَ الخاصّ الذي يبدي رأيه في أدواري ويشجعني، وأصبح فخورًا بي".

استطاعت ألماسة أن تغير وجهة نظر أهلها ومجتمعها تجاه العمل الفني للفتاة، "فالفن ليس كله مبتذلًا، بل هو سلاح ذو حدين بأن نجعله فنًا هادفًا يخدم قضايا المجتمع، كشخصية نرجس التي أقدمها حاليًّا وتتحدث عن البلدة القديمة وحاراتها، وأبواب مدينة القدس".

السعي للوصول

ولكن هل ألماسة ما تزال في قلبها غصّة على تأخرها بممارسة شغفها في التمثيل؟ تجيب: "أؤمن بأن لا شيء يأتي متأخرًا، بل كل شيء في وقته حُلو، سعيدة بأني مررت بأوقات إحباط، فكل موقف محبط هو حجر وضعته لأبني درجًا للوصول إلى حلمي، ما زادني خبرة".

وعن اختيارها لمسرح الطفل على وجه الخصوص، توضح أنها تحب الأطفال وتحب التعامل معهم، وتعدهم جمهورها الحقيقي.

وتذكر ألماسة أنها تريد أن تساعد الأطفال في تحقيق أحلامهم؛ لأنها تأخرت لسنوات طويلة في تحقيق حلمها، مشيرة في الوقت نفسه إلى ضعف المسرح الفلسطيني بسبب غياب الدعم المادي، والأكاديمي للفنانين الفلسطينيين، إضافة إلى عدم وجود جسم يحتضنهم، بسبب غياب الوعي عن أهمية الفن.