مع بدء العد التنازلي لحلول شهر رمضان المبارك، يبدو أن الأوضاع ستأخذ منحى من التصعيد ستنطلق شرارتها هذه المرة من داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية، اذ يستعد الأسرى الفلسطينيون لخوض فصل جديد من المواجهة مع إدارة سجون الإسرائيلية، لما تتخذه بحقهم من إجراءات قمعية وعقابية إرضاء لوزير أمن الاحتلال المتطرف "إيتمار بن غفير"، لتحقيق مكاسب شخصية بعد فشله في إدارة الملف الأمني والغضب الشعبي الذي يعم الشارع الإسرائيلي المحتج على سياسة حكومة المتطرفين مطالبين بإسقاطها.
فالأنباء الواردة عن الأسرى لا تبشر بخير، فهم يعيشون حالة من الغليان والاستنفار، فقد أكّدت هيئة الأسرى، ونادي الأسير في بيان مشترك، أن خطوات "العصيان" ستستمر حتى إعلان الأسرى عن الشروع بخطوة الإضراب عن الطعام في الأول من شهر رمضان، بعنوان: "بركان الحرية أو الشهادة"، وفقًا للبرنامج النضالي الذي أقرته لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، بأنهم على جهوزية قصوى داخل السجون والمعتقلات الصهيونية، إذ شكلوا لجانًا لمواجهة إجراءات سلطات الاحتلال، لكنهم لم يبدأوا في ترجمتها على الأرض، وينتظرون الموعد الذي حددوه لتنفيذ مطالبهم، وهم مستمرون في العصيان لليوم الـ35 على التوالي حتى رمضان وهو موعد الإضراب الشامل.
فكل المؤشرات والمعطيات تؤكد أنه سيكون هناك انفجار لدى الأسرى في السجون الإسرائيلية، في حالة بدء الأسرى في تطبيق احتجاجاتهم؛ وقد ينتج عنه صدام واسع بينهم وبين إدارة السجون الإسرائيلية، ولعل أصعب السيناريوهات، عندما ينفذوا تهديدهم بحرق غرف في أقسام السجون ردًا على الإجراءات العقابية بحقهم، وفي ظل مماطلة إدارة السجون للاستجابة لمطالبهم، ولأن ظروفهم تنتقل من سيئ إلى أسوأ، سواء على مستوى المأكل أو المشرب أو النظافة، وأن حياتهم باتت صعبة جدًا، حتى لم يعد هناك ما يخسرونه.
الأوضاع في سجون ومعتقلات الاحتلال أشبه بقنبلة موقوتة ستنفجر في وجه صانعها السجان، فمن المتوقع أن تنزلق الأمور لتشمل كل الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وغزة وداخل الخط الأخضر، استجابة لنداء الحركة الأسيرة، وقد يصبح على نطاق واسع تتوحد فيه كل الساحات بانضمام جهات إقليمية ودولية أخرى تضامنًا مع قضية الأسرى الإنسانية، أو أن يجر غباء بن غفير الأمور إلى سيناريو خطير لا يرغبه الإحتلال قط، وهو اندلاع انتفاضة ثالثة يكون الأسرى الفلسطينيون نواتها، وفي تقديري أن هذا السيناريو قد يكون الأقرب إلى الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في هذه الأيام من ظلم واضطهاد وحصار سياسي واقتصادي في غزة وحصار عسكري وأمني في الضفة، التي تشهد عمليات قتل، وإعدامات ميدانية للفلسطينيين، ومداهمات وحملات اعتقال، وهدم للمنازل، إضافة إلى سرقة الأراضي والأملاك وتهجير أصحابها الفلسطينيين تمهيدًا لتهويدها وبناء المستوطنات، والاعتداءات المتواصلة على الأقصى من المستوطنين، وسن المزيد من القوانين المجحفة بحق الأسرى، كقانون سحب الهوية من أسرى الداخل والمقدسيين، وقانون إعدامهم.. الخ، فإن كل هذه الأمور وغيرها تشير إلى ما لا يحمد عقباه.