فلسطين أون لاين

تقرير "العقبة".. قرية بين ثكنات عسكرية تناضل للصمود

...
"العقبة".. قرية بين ثكنات عسكرية تناضل للصمود
طوباس-غزة/ مريم الشوبكي:

على منحدر سفحي يسكن بشير صدقي في قرية العقبة شرق طوباس، يفلح أرضه الزراعية، ويرعى ماشيته في الجبال المحيطة بها تحت أصوات الرصاص، والطائرات الحربية والدبابات والقنابل، التي تدوي من المعسكرات التدريبية العسكرية لجيش الاحتلال، التي تجثم على أراضي المواطنين.

صدقي الذي يعمل مزارعًا في العقبة، تشكل التدريبات العسكرية خطرًا حقيقيًّا على حياته ومواشيه؛ بسبب شظايا القنابل التي سبق أن أصابت عددًا من المواطنين ومواشيهم.

تقع قرية العقبة شماليّ غور الأردن، وحتى عام 1967 بلغ عدد سكان القرية أكثر من 600 نسمة، سكن غالبيتهم الخيام، وعملوا في الزراعة، أما اليوم فتقلص العدد إلى قرابة 230 نسمة، في مبانٍ مسقوفة بألواح الصفيح.

يقول صدقي لصحيفة "فلسطين": "تصنف القرية ضمن المنطقة (ج) المحظورة على الفلسطينيين، إذ يمنع فيها البناء والتوسع العمراني، وتعبيد الطرق أو إصلاحها".

وعلى الرغم من ذلك بنى العشرات من المواطنين 60 بيتًا لهم في منطقة تضم 100 دونم، بالرغم من عدم منحهم "تراخيص"، يعيشون في حالة ترقب لما سيقدم عليه الاحتلال في أي وقت.

ويشير صدقي إلى أن الاحتلال يفرض حظر التجول على سكان القرية وقت المناورات العسكرية، وتتعطل الحياة بتفاصيلها كافة بما في ذلك المدارس.

ويلفت إلى أن القرية كانت تفتقر لشبكات صرف صحي لسنوات طويلة وتعتمد على الحفر الامتصاصية، حتى قام منذ سنوات قليلة المجلس القروي بإمدادها منذ سنوات قليلة.

ويبين رئيس مجلس قروي العقبة سامي صادق أن الاحتلال أقام عام 1967 ثلاث معسكرات للجيش، واندلعت وقتها مواجهات أدت إلى وقوع 50 مواطنًا ما بين شهيد وجريح.

ويوضح صادق لصحيفة "فلسطين" أن مساحة القرية 3000 دونم طابو، مملوكة للمواطنين الذين يعتمدون على الزراعة، والرعي، وهذان القطاعان مدمران من الاحتلال؛ بسبب إتلافها بالدبابات والمشاة في الربيع، في حين يمنع رعي المواشي في الجبال، لأنها أراضٍ مغلقة لأغراض عسكرية.

لعنة المناورات

ويؤكد أن المناورات العسكرية التي تقام بالقرب من المباني السكنية تسبب أضرارًا في المباني، وأصابت شظاياها ومخلفاتها عددًا من المواطنين.

و"صادق" أحد ضحايا رصاص المناورات العسكرية، إذ تعرض لشلل نصفي بعدما أصابت ثلاث رصاصات العمود الفقري في أثناء وجوده داخل أرضه في القرية عام 1971.

محاولات للنهوض

ويلفت صادق إلى أن سلطات الاحتلال حاولت بالترغيب والترهيب ترحيل سكان العقبة إلى قرية تياسير المجاورة، للاستيلاء عليها بزعم أنها تشبه تضاريسها جبال جنوب لبنان، "ولكننا رفضنا ذلك".

ويوضح أن 95% من مباني القرية مهددة بالهدم، وعلى الرغم من ذلك بنى المجلس مكتبة فيها 5000 كتاب، ومستوصفًا، ومسجد صلاح الدين الأيوبي، ووحدتي تصنيع ألبان وأجبان، ووحدة لصناعة الأعشاب، وفندقًا للسياح، بالإضافة إلى بنية تحتية للمياه والكهرباء والإنترنت وتعبيد الطرق.

ويأسف لعدم التزام السلطة بوعودها بإعادة تعبيد الشارع الوحيد للقرية (السلام) الذي يربط العقبة بالأغوار، إذ عمل الاحتلال على تجريفه في عام 2011.

وينبه على أن هذه الإصلاحات التي نفذها المجلس، تهدف إلى زيادة صمود سكان القرية، وجذب المُهجرين منها للعودة إليها.

ويشير صادق إلى أن العقبة حصلت على لقب أفضل هيئة محلية في الضفة الغربية قبل عامين، لأنها تحاول تقديم خدمات يرفض الاحتلال تقديمها للمواطنين.

ويطالب السلطة بالوقوف على احتياجات القرية، والتطورات التي أحدثها المجلس أيضًا، بالإضافة إلى الاطلاع على أوضاع الفلسطينيين الذين يسكنون بقرب معسكرات جيش الاحتلال، ويعيشون ظروفًا صعبة، فبيوتهم بحاجة لترميم، وطرق معبدة، وأخرى زراعية. 

ويذكر صادق أن وزارة السياحة برام الله وضعت في عام 2008 حجر الأساس لبناء مقر للمجلس القروي، وحتى اليوم لم يُبنى، على الرغم من أن أعضاءه أمضوا عشر سنوات يجتمعون تحت شجرة خروب.

ويوجد مدرسة وحيدة في القرية، تضم فصولًا من الصف الأول حتى العاشر، وهي جزء من بيت تبرع به أحد المواطنين، ومنذ عام 1998 وعدت السلطة ببناء مدرسة، ولكن لم يتم الأمر، ويمنع الاحتلال بناء مدرسة أخرى حتى اليوم.

تدريبات تحاكي الحروب

من جهته يبين الخبير في شؤون الاستيطان بالأغوار عارف دراغمة أن قرية العقبة مستهدفة من كل مؤسسات الاحتلال: من الجيش، والمستوطنين، وما يسمى بسلطة الطبيعة الإسرائيلية.

ويوضح دراغمة لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يمنع البناء في القرية، وعند إغلاق الحاجز العسكري شرق القرية تتوقف مناحي الحياة فيها، كما يمنع تحرك الرعاة إلى الجبال، ليرعوا أغنامهم وللوصول إلى أراضيهم الزراعية.

ويشير إلى أنه منذ احتلال الأغوار والمناطق الشفا غورية في عام 1967م، بدأ بسياسة مختلفة من أجل طرد السكان من أرضهم، إذ أقام 18 معسكرًا تدريبيًّا، وأغلق 38% من المساحات الزراعية لغايات التدريبات العسكرية من الأحد حتى الخميس أسبوعيًّا، وأقام ثكنات وخنادق قطعت أوصال الأراضي الفلسطينية. 

وينبه دراغمة على أن التدريبات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال تحاكي حروبًا حقيقية، وتشكل مخلفاتها خطرًا على الأرواح والممتلكات.