فلسطين أون لاين

تقرير هدم مصنع السلايمة.. الاحتلال يقطع رزق 60 فردًا في حي واد الجوز بالقدس

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة- غزة/ نور الدين صالح:

"قطع الأرزاق من قطع الأعناق" هذا ما قاله فادي السلايمة ومشاعر الألم والحسرة تنتابه، بعدما هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي مصنع الطوب الخاص بعائلته الواقع في حي وادي الجوز بمدينة القدس المحتلة، تحت ذرائع وهمية.

عندما اقتربت عقارب الساعة من السابعة صباح يوم الإثنين الماضي، داهم العشرات من قوات الاحتلال برفقة جرافات الهدم منطقة "مصنع الطوب"، وأغلقت الطرق المؤدية إليه، استعدادًا لبدء هدمه، إذ كانت بلدية الاحتلال قد أرسلت له إخطارًا قبل عشرة أيام.

وعلى مدار الأيام العشرة ما بين الإخطار والهدم، أخذ "السلايمة" يواصل المكوث في المصنع ليلًا ونهارًا، خشية إقدامها بشكل مباغت على هدم المصنع في ظلّ عدم وجود أصحابه داخله، وهو ما حصل بالفعل، حسبما يروي.

"في اليوم الأخير لانتهاء مهلة العشرة أيام، كنت نائمًا في المصنع، وعند الساعة السابعة صباحًا داهمت قوات كبيرة من الاحتلال المكان وصادرت المعدات والبضائع الموجودة بداخله"، يحكي السلايمة لصحيفة "فلسطين" عن اللحظات الأولى قُبيل الهدم.

لم تكتفِ قوات الاحتلال بالمداهمة ومصادرة المعدات وخمسة "تركتورات" فحسب، بل أخذت جرافاتها تغرز أنيابها الحديدية الثقيلة في إحدى الغرف المُقامة داخل المصنع، والكلام للسلايمة، في حين أخذ مجموعات أخرى من الجنود يعيثون فسادًا وخرابًا في جميع الأرجاء الأخرى حتى أنقلب المصنع "رأسًا على عقب" وفق وصفه.

كان يحدّق "السلايمة" عينيه يمينًا ويسارًا بنظرات حسرة وألم، ولا سيّما أنه عاد بذاكرته للوراء بكيفية إنشاء المصنع فيقول "هذا المصنع مبني على هذه الأرض منذ 55 سنة، بعدما ورثناه عن جدي".

وأقامت عائلة "السلايمة" هذا المصنع على أرض تُسمى "مال وقف" تبلغ مساحتها دونم 600 متر مربع، استأجرتها من مالكيها وهم عائلة الأنصاري في منطقة بيت حنينا بالقدس المحتلة، ويضيف "ملتزمون بدفع الإيجار والضرائب والمياه والكهرباء وكل الخدمات".

ويحكي السلايمة، أنّ ما تُسمى "سلطة الطبيعة" التابعة للاحتلال في القدس، أرسلت قبل شهرين بلاغًا لعائلته، بأنّ الأرض المُقام عليها المصنع "خضراء" ويُمنع البناء عليها لذلك يجب مصادرتها.

ويقع المصنع في منطقة إستراتيجية حسب وصفه، حيث يقع في أقرب نقطة على البلدة القديمة، ويرتاده العشرات من المقدسيين القاطنين هناك لشراء كل ما يلزمهم للبناء، معتبرًا هدم المصنع "كارثة تتسبب في تعطيل أعمال البناء لمناطق عدّة مجاورة".

ووفق قوله، تعود ملكية المصنع إلى والده واثنين من أعماه، ويعمل فيه 4 عاملين، ويُمثل مصدر الرزق الوحيد لقرابة 60 فردًا، "وهدمه يعني قطع أرزاقهم".

اقرأ أيضًا: تقرير في وادي الجوز.. ضيّق المقدسي جابر على نفسه حتى لا يفقد مأواه

ويتساءل وعلامات الألم تجتاح صوته "نعمل في المصنع منذ سنين طويلة، وهدموه قبل رمضان بأيام قليلة.. وين بدنا نروح نلاقي شغل؟" ويُكمل بقهر "حسبنا الله ونعم الوكيل".

ويُبيّن أنّ العائلة أوكلت محامٍ لمتابعة القضية في محاكم الاحتلال، لكن في الوقت ذاته أبدى عدم تفائله من الوصول إلى نتائج لصالحهم "لمين بدك تشكي وأبوك القاضي".

ويشير إلى أنّ قوات الاحتلال أبلغته أنها ستهدم الغرفتين المتبقيتين بالمصنع في شهر رمضان المبارك.

وعدَّ إقدام الاحتلال على هدم المصنع "ضمن سياسة التهجير الممنهج والتنغيص على المقدسيين، لإجبارهم على إخلاء المدينة المقدسة وجعلها يهودية خالصة".

ويختم حديثه "سأبقى في المصنع ولن أتركه لآخر نفس يجري في عروقي ومهما كلفني الأمر".

يُشار إلى أنّ الاحتلال لم يكتفِ بهدم المنازل وتهجير المقدسيين من مدينة القدس المحتلة بل يهدم ويلاحق مصادر الرزق كسياسة ظالمة تستكمل أهداف حكومة عنصرية تسعى لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين.

وفي عام 2022، بلغ عدد عمليات الهدم والتجريف في محافظة القدس 306 عمليات، منها 160 عملية هدم بآليات وطواقم الاحتلال، و98 عملية هدم قسري ذاتيًّا، إضافة إلى 48 عملية حفر وتجريف نفّذتها آليات الاحتلال.