"ثلاثاء الحرية" هي دعوة الحركة الأسيرة ليكون يوم ثلاثاء لإحياء ذكرى "الثلاثاء الحمراء" (17 يونيو/ حزيران 1930)، كرمزية لمقاومة الاحتلال والاستيطان الصهيوني في فلسطين، وقد تتشابه الظروف والأحداث السابقة مع ما تشهده الضفة المحتلة اليوم من تحوّل دراماتيكيّ في الدفاع عن الأراضي الفلسطينية المحتلة ضد مشاريع الاستيطان والسياسة العنصرية التي تنتهجها العصابات الصهيونية المتطرفة الهادفة لتهويدها، وما هي إلا سنوات من الصبر "على مضض" حتى فاض الكيل، وخرجت المقاومة عن صمتها وكسرت هاجس الخوف، وبدّدت أوهام المتآمرين والمتعاونين مع الاحتلال، الذين كانوا يراهنون على “الإستاتيكو” القديم.
فقد تزامنت دعوة الحركة الأسيرة مع معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال أوضاعًا معيشية صعبة، إذ يواجهون هجمة شرسة متواصلة تنفذها إدارة سجون الاحتلال بتحريض حكومة اليمين المتطرفة وخاصة إيتمار بن غفير، إضافة إلى التنكيل والتعذيب والحرمان من الزيارات والفُسحة والكانتينة، ومصادرة بعض مقتنياتهم الشخصية وأدوات الطهي والتدفئة وإغلاق المخابز؛ بهدف تجويعهم وإذلالهم وابتزازهم، بعد سحب الإنجازات التي حققتها الحركة الأسيرة في معاركها النضالية السابقة التي خاضتها الحركة مع إدارة سجون الاحتلال.
كما أن سياسة الإهمال الطبي التي يمارسها الاحتلال تُعدّ الأكثر خطورةً بين جرائمه لتهديدها المباشر على حياة الأسرى، إذ يعاني عددٌ كبيرٌ منهم أمراضًا مزمنة خطيرة، قد تتسبب في استشهاد بعضهم، نتيجة المعاملة الطبية السيئة التي تتبعها إدارة السجون، بهدف القتل المتعمد البطيء، وبالأخص ضد الأسرى المرضى الموجودين في "عيادة سجن الرملة"، والمعزولين فعليًّا عن بقيّة الأسرى، الذين يعانون ظروفًا حياتية صعبة، إضافة إلى إهمال العلاج ومنع إجراء العمليات وعدم السماح بأطباء متخصصين خارج إطار "إدارة السجون" بمعالجة الأسرى سوى بالتنسيق مع الصليب الأحمر.
ولا ننسى معاناة الأسرى الأطفال والأسيرات وما يواجهون من ظروف اعتقالية صعبة، وحرمان الأسيرات من حقهنّ في الأمومة والتعليم والزيارات، وإزعاجهم عبر اقتحام غرفهم والمداهمات الليليّة للأقسام وتفتيشهم وتخويفهم بالكلاب المسعورة، وضربهم من وحدات القمع الإرهابية المتمثلة في متسادا ونحشون والشاباك.
ولم تقف جرائم الاحتلال عند حدِّ تعذيب الأسرى الفلسطينيين جسديًّا ونفسيًّا، بل طالت ذويهم بهدم منازلهم كسياسة عقاب جماعي يتبعها وتوسّعت عام 1967، لمنع تصاعد عمليات المقاومة، كما أن "الكنيست" ومحاكمه أيضًا شريكٌ في تشريع وسنِّ قوانينَ إجراميّة عقابيّة ضد المناضلين والأسرى، وأبرزها قرار هدم بيوت منفذي العمليات أو قادة المقاومة، ولم يقتصر الأمر على الهدم مرّةً واحدة، بل في أحيان كثيرة يُهدم المنزل مرةً أخرى بعد إعادة بنائه، واليوم يذهب إلى أبعد من ذلك بتجاوز الخطوط الحمراء بالتصويت على قرار قدّمته حكومة اليمين المتطرفة بشرعنة إعدام الأسرى، وكأن الاحتلال بريء من التهمة، بل إنه يتبع سياسة الإعدامات الميدانية جهارًا نهارًا منذ نشأته إلى هذا اليوم، وقبل ذلك على أيدي العصابات الصهيونية الإجرامية “كالهاجاناه”، و”اتسل”، و”شتيرن”، التي ارتكبت مجازر وحشية ضد المدنيين الفلسطينيين في دير ياسين وغيرها، فهو دليل دامغ على إجرام ودموية الكيان.
فدعوة الحركة الأسيرة عبر رسالتها الموجهة للشعب الفلسطيني بالقول: "إن إسنادكم لنا هو أساس صمودنا وعنوان وفائكم لنا، فليستمرَّ حتى تحقيق مطالبنا وحريتنا، فكونوا كما عهدناكم دومًا أهلًا للوفاء والتضحية من أجل القضايا الكبرى"، تزامنت مع ما أقدمت عليه السلطة بقطع رواتب أسرى من أبناء قطاع غزة، ما فاقم وضع أُسرهم وذويهم، وترك أثرًا بالغًا في نفوس الأسرى ومعنويّاتهم، الذين تُركوا وحيدين في مواجهة بطش وإجرام الاحتلال، وقد طالبوا بإطلاق "هاشتاج" عبر مواقع التواصل "#الشعب_يريد_تحرير_الأسير"، لإيصال رسالة للعالم بتدويل قضية الأسرى والكفّ عن سياسة التجاهل والسكوت على أكبر جريمة إنسانية على الإطلاق.