يواجه البعض في الأيام الأولى من شهر رمضان مشكلات صحية نتيجة تغيّر نظامهم الغذائي والانقطاع فترات طويلة عن الطعام، مثل الصداع وارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه، وكذلك الاضطرابات في الجهاز الهضمي، لكن تهيئة الجسم للصيام -قبل 3 أسابيع بحد أدنى- تسهم إسهامًا كبيرًا في تلافي تلك المشكلات والتمتع بصيام آمن مريح.
ولتحضير الجسم لصيام شهر رمضان تنصح اختصاصية التغذية العلاجية منال بني عودة الصائمين الذين يعانون أمراضًا مزمنة، وخاصة مرضى السكري النوع الأول، بمراجعة طبيبهم الخاص وإجراء الفحوص للتأكد إذا كان بمقدورهم الصيام، أو تلقي إرشادات طبية وفق حالتهم الصحية تمكّنهم من الصيام بما لا يتعارض مع المرض الذي يعانونه.
تحسين النظام الغذائي
ولتفادي الإرهاق والمزاجية والعصبية العالية في شهر رمضان، ينبغي وفق بني عودة أن يتخلّص الصائم أولًا من العادات الغذائية الخطأ، وخصوصًا إدمان الكافيين والمنبهات والحلويات، فاستهلاكها بكميات هائلة طوال العام ومن ثم قطعها فجأة ساعات طويلة في رمضان يسبب الصداع والعصبية والإمساك الشديد.
وتوضح في تقرير نشره موقع "الجزيرة نت" أنه إذا كان الصائم يشرب قبل رمضان 8 أكواب قهوة في اليوم، يجب أن يبدأ بتخفيض العدد تدريجيًا، وكذلك الأمر بخصوص التدخين بأنواعه، فالذي يستطيع أن ينقطع عن التدخين 14 ساعة متواصلة يستطيع أن يقلع عنه أو يقلل منه، إلى جانب البدء بتقليل كميات السكر والحرص على تناول فطور صحي، فحبة تمر تغني عن قطعة حلوى مع فنجان قهوة الصباح.
ولفتت أخصائية التغذية إلى أن البعض يعمل على تخصيص برامج غذائية للتسمين أو التنحيف مثلًا، أو المحافظة على مستوى غذائي صحي، "وهؤلاء وغيرهم يجب أن يخططوا لقوائمهم الغذائية والوجبات التي سيأكلونها في رمضان، وتبعًا لذلك يشترون المكونات الصحية اللازمة التي تغلب عليها الخضراوات والفواكه، كي لا يدركهم الوقت لاحقًا، ومن ثم يضطرون إلى خرق برنامجهم أو اللجوء إلى خيارات غير صحية".
ودعت بني عودة إلى تنظيم النوم، فاضطراب الساعة البيولوجية في الشهر الفضيل والنوم نهارًا واليقظة ليلًا أسباب تؤدي إلى الخمول والتعب وتغير الحالة المزاجية، لذلك يجب أن يبدأ الصائم مسبقًا بتنظيم نومه والنوم باكرًا أو على الأقل تخفيف ساعات السهر، والحرص على الاستيقاظ فجرًا، وتقليص مدة القيلولة أو الاستغناء عنها، ليتقوّى في رمضان على الاعتكاف ويستيقظ عند السحور، ولا يهدر نهاره في النوم.
ومن أهم النصائح التي تشير إليها لتهيئة الجسم لرمضان هي تعويد الجسم على الصيام، واستغلال يومي الاثنين والخميس والأيام البيض في الشهر الهجري، ففي ذلك نيل للأجر وتقوية للجسم، كي لا يفاجأ الجسم بصيام متواصل لم يعتده منذ أشهر.
لا تفريط ولا إفراط
وتنبّه إلى أن البعض قد لا يكون من مدمني القهوة أو السجائر، ولكنه يصاب بهبوط في ضغط الدم أو إرهاق شديد في بداية رمضان، وذلك يعود للمخزون الشحيح من الغذاء في جسمك، فإذا كنت تتناول طعامًا يفتقر إلى العناصر الغذائية التي تحقق الشبع آنيًا وتذهب لاحقًا فحين تصوم سيستهلك جسدك من مخزون العضلات والدهون.
وفي هذا السياق تقول بني عودة إنه من الضروري تقوية الجسم ليكون متينًا قادرًا على الصيام، واتّباع نظام غذائي متوازن، مع التركيز على البروتين في البيض والحليب مثلًا، والبوتاسيوم في الموز، والفواكه المجففة، لتحقيق شبع أطول وجسم أمتن خلال رمضان.
وتختم اختصاصية التغذية نصائحها مذكرة بأهمية التوازن؛ فلا تفريط ولا إفراط، وتقول للجزيرة نت إنها شهدت في غرف الطوارئ في الأيام الأولى من شهر رمضان المنصرم أعدادًا كبيرة من المراجعين جلّهم جاؤوا بعد الإفطار مباشرة، بسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي كالتلبُّك المعوي وتهيُّج القولون العصبي، وكلها نتيجة الإسراف في الطعام والترتيب الخاطئ للوجبات في نصف الساعة الأولى بعد آذان المغرب.