فلسطين أون لاين

"يزيد" يتجاوز الشلل الدماغي بمشروع يحقق حلمه

...
يزيد أبو ليل
غزة/ هدى الدلو:

ينهمك الشاب يزيد أبو ليل في صنع إكسسوارات للهواتف المحمولة محاولًا تقوية عضلات أطرافه العلوية وزيادة معدلات تركيزه، ويقول إنه يريد أن يصبح شخصًا فاعلًا في المجتمع وأن يعتمد على ذاته في تأسيس حياة خاصة.

يزيد (21 عامًا) من سكان القدس، وتعود أصوله إلى قرية لفتا المهجرة والواقعة على حدود المدينة المحتلة.

خرج يزيد إلى الحياة وهو يعاني نقصًا في الأوكسجين عند الولادة تسببت له بشلل دماغي أثّر على مراكز النطق والحركة العصبية خاصة عضلاته السفلية، ولم يكتشف والداه هذه المشكلة إلا بعد بلوغه العام الأول.

يقول والده ناصر لصحيفة "فلسطين": "لم تظهر أي أعراض على وجه أو جسد يزيد توحي بإصابته بالشلل، واكتشفنا الأمر عندما حاول المشي".

ويضيف: "بعد ظهور العرض الأول ليزيد بعدم قدرته على المشي، ظهرت مشكلة النطق، فحاولتُ مع والدته تقديم الرعاية الفائقة له، فبات شخصًا اجتماعيًا، يحبُّ المشاركة في كل الأنشطة التي يتمكن من حضورها".

ويشير والده الذي يملك مكتبًا هندسيًا في القدس، إلى أن جميع الأنشطة التي تشرف عليها نقابة المهندسين يكون يزيد أوّل الحاضرين فيها، حتى بات جميع مهندسي القدس يعرفونه معرفة جيدة، كما أنه متفاعل جدًا ويشارك في الأنشطة والحفلات والمناسبات الخاصة بأصحاب الهمم، ويحب الاختلاط بالناس والتحدث إليهم.

ويلفت إلى أن يزيد كان دائم السؤال عن مستقبله ومصيره، وكيف يمكن له أن يكون فعّالًا في المجتمع، ليمزّق الصورة التي يطبعها البعض في أذهانهم عن الأشخاص ذوي الإعاقة، "فمن علّاقة لجواله الخاص أُهديت له قبل عام اهتدى منها إلى فكرة مشروعه الخاص، خرزة".

ويوضّح أن يزيد التحق في بداية أعوامه الدراسية بمدارس عادية حتى الصف السادس الابتدائي، وكانت بالنسبة له فرصة للاندماج في المجتمع، حتى لا تصبح فيما بعد إحدى المشاكل التي يواجهها، "وعندما باتت مشكلة البطء في النطق والحركة تؤثر على تحصيله الدراسي إلى جانب صعوبات أخرى، نقلناه إلى مدارس خاصة تُعنى بمن يعانون من صعوبات التعلم".

خرزة

ونتيجة الجلوس لساعات طويلة على الكرسي المتحرك فقد تزايدت الآلام في عضلاته ما اضطر يزيد إلى استخدام "الووكر" للتنقل والحركة داخل البيت، وفي كل مرّة كان يسقط هاتفه المحمول من يديه لاعتماده عليهما في المشي فيتعرض هاتفه لكسور، إلى أن أهدته شقيقته علّاقة خاصة بجواله ليعلقه في رقبته ويحافظ عليه.

ويتابع: "كانت هذه السلسلة عبارة عن عقد من الخرز الملوّن يربطها في عنقه، استخدمها أكثر من عام، إلى أن تلفت فقرّر عمل بديل عنها بنفسه ومن هنا كانت خرزة".

يقول يزيد بلسان ثقيل وحديث شبه مفهوم: "كان الدافع لفتح المشروع أسس حالي، وأطورها من خلال خرزة الذي أصنع منه علّاقات جوالات، وميداليات وأساور، لكي أنتمي للمجتمع وأصير شخصًا فعّالًا ومعتمدًا على نفسه، وهذا العمل يقوي عضلات أطرافي ويزيد تركيزي".

ويضيف والده: "يزيد منذ عدة سنوات يحاول البحث في ظل الوضع المُعاش الذي يصفه بـ"المقلق" عن مشروع يمكّنه من الاندماج في المجتمع، ويوفّر له مصدر دخل، فكان دائم البحث مع والده عن مستقبله، وقد تلقى دورات في مجالات مختلفة باحثًا عن شغفه، ولم ييئس رغم التحديات الحركية".

ويوميًا يعود يزيد بعد الانتهاء من دوامه المدرسي لينخرط في عمله ضمن مشروعه وتلبية طلبات بعض الزبائن، فيشعر بنشوة الفرح كونه شخصًا فعالًا في المجتمع ومنتجًا، وخاصة بعد حصوله على دعم ممن حوله من أهل القدس ما أعطاه حافزًا إضافيًا.

ويقدّم والدا يزيد المعونة له في تنسيق الألوان وابتكار أشكال جديدة وصناعة الإكسسوارات التي تحتاج إلى دقة عالية، إضافة إلى توفير الأدوات اللازمة للمشروع.

على الجانب الآخر، يأسف والد يزيد للمشاكل التي تواجه ابنه وأقرانه، كعدم مواءمة الكثير من الطرق والأماكن للأشخاص ذوي الإعاقة، إذ إنه يستخدم الكرسيّ المتحرك في تنقلاته خارج البيت، ويضطرون كثيرًا إلى تغيير مخططات رحلاتهم بسبب عدم توافر أماكن مناسبة للسير، كما أن المشكلة الصحيّة التي يعانيها لا يتوفر لها حتى اليوم علاج، وهي تزداد صعوبة كلما ازداد طوله ووزنه.