لا تنفك سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن محاولاتها الرامية لبسط سيطرتها الكاملة على مدن الضفة الغربية، والقضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية التي تؤكد ملكية الشعب الفلسطيني لأرضه.
فعلى مدار سنوات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تختلق دولة الاحتلال قرارات تهدف بالدرجة الأولى لإحلال اليهود بدلًا من الفلسطينيين في مدن الضفة، كان آخرها اقتراح عضو الكنيست الإسرائيلي من حزب "البيت اليهودي" بتسلئيل سموتريتش، تشجيع الفلسطينيين على "الهجرة طوعًا"، وفق ما نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية.
ويدعو النائب اليميني المتطرف، حكومة الاحتلال إلى تخصيص ميزانية لمشروع تهجير الفلسطينيين طوعًا، ومضاعفة عدد المستوطنين بالضفة في المرحلة الأولى من المشروع بعد ضم الضفة بكاملها.
ووجهة سموتريتش انتقادات لحكومة الاحتلال التي تكلف جيشها في الضفة الغربية، بأمرين متناقضين "أن يسكب الزيت والماء على النار في نفس الوقت، فالجيش لا يستطيع القضاء على الإرهاب والإبقاء على الآمال القومية الفلسطينية التي ستولد الإرهاب من جديد"، وفق قوله.
ويُستدل من أقوال النائب، بأن (إسرائيل) تدين نفسها بنفسها على جرائم القتل والانتهاكات التي ترتكبها بحق الفلسطينيين سواء في مدن الضفة الغربية أو قطاع غزة.
ويؤكد ذلك، الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطاالله، بأن (إسرائيل) تدين نفسها وتثبت عنصريتها وإصراراها على ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية.
وقال عطاالله لصحيفة "فلسطين": هدف هذه الإجراءات والقرارات إحلالي لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، من أجل تحقيق يهودية الدولة على أراضي الضفة.
ويرى عطاالله أن التصريحات السابقة إعلان صريح بأن (إسرائيل) تشن الحروب ضد الفلسطينيين، من أجل مواصلة سياسة التهجير.
وكان سموتريتش، صرح بأن مشروعًا كهذا سيكلف دولة الاحتلال أقل بكثير من الاعتداءات العسكرية التي تشنها بين الحين والآخر.
ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي بالضفة خالد العمايرة مع سابقه، مؤكدًا أن نجاح سلطات الاحتلال بدفع الشبان الفلسطينيين للهجرة "يعني حسم المعركة لصالحها دون أي قتال".
لا دولة فلسطينية
ولا شك أنه في حال نجحت (إسرائيل) في تطبيق مشروعها وتفريغ الفلسطينيين من أراضي الضفة، ستقضي على حلم إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة، وفق العمايرة.
وبحسب ما ذكرته الصحيفة العبرية، فإن "الخطة الحكومية" تقضي على التطلعات الوطنية الفلسطينية إلى الأبد، عبر تفكيك مؤسسات السلطة الفلسطينية.
وبالعودة إلى عطاالله، فيرى أن (إسرائيل) تشعر بأن البقعة الديمغرافية _الأراضي الفلسطينية_ تشكل عبئًا عليها، لذلك حاولت عبر سنوات عدة اتباع سياسة "الترانسفير" ضد الفلسطينيين، لكنهم رفضوا وعادوا إلى وطنهم.
ويعتقد أن التضييق على الفلسطينيين هو جزء دفعهم للهجرة الطوعية، إضافة إلى إعطائهم امتيازات مالية، واختيار الدولة المناسبة لهم، متسائلًا: "من سيقيم الدولة الفلسطينية والأرض خالية من سكانها؟".
ويقول "سموتريتش": إن نحو 20 ألف فلسطيني من الضفة الغربية يهاجرون سنويًا إلى بلاد أخرى، وإن عدد الفلسطينيين الراغبين بالهجرة أضعاف هذا العدد في حال توفرت لديهم الإمكانات المادية.
ويبقى السؤال الأبرز هنا، هو حول مدى إمكانية تطبيق القرار فعليًا على أرض الواقع، وهنا يجيب الكاتب عطاالله: إن (إسرائيل) تمتلك إمكانات كبيرة تستطيع من خلالها تهجير الفلسطينيين، وتحويل حياتهم للجحيم.
وبيّن أن الانقسام الفلسطيني بين الضفة وغزة، يساعد (إسرائيل) على المضي قدمًا بتنفيذ سياساتها "الممنهجة" ضد الفلسطينيين، من بينها التهجير، مشيرًا إلى أن الاحتلال يهيئ الظروف والبيئة المناسبة المشجعة لرحيل الفلسطينيين خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها. بينما يرى العمايرة، أن اضمحلال إمكانية قيام الدولة الفلسطينية لا يقتصر على الهجرة فحسب، بل إن زيادة رقعة الاستيطان أسهمت بشكل كبير في تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
ويوضح العمايرة، أن (إسرائيل) تمارس سياسة التهجير منذ عشرات السنوات، عبر عدة إجراءات أبرزها منع عمل العمال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ودفعهم للهجرة لدول أوروبية، دون تحريك ساكن من السلطة.
تجدر الإشارة إلى أن (إسرائيل) كانت قد قررت قبل حوالي سبعة أعوام طرد أو محاكمة نحو 70 ألف فلسطيني من الضفة بذريعة أن وجودهم فيها غير قانوني، وفق ما صرحت به "هآرتس" آنذاك.
وقالت الصحيفة: إن هؤلاء ينتمون لثلاث فئات أولاها أبناء قطاع غزة، أو أي شخص يثبت أن أصل أحد والديه من القطاع، والثانية حملة الهويات الإسرائيلية الذين يقطنون بالضفة وكذلك الأجانب الموجودون بها، والثالثة الفلسطينيون الذين دخلوا إلى الضفة بتصاريح وانتهت صلاحيتها.