طالب اختصاصيون اقتصاديون حكومة محمد اشتية بالتزام الوقت المحدد للإفصاح عن الموازنة العامة الجديدة كما حدده القانون، وعرض الحساب الختامي لموازنة العام المنصرم، وذلك للمقارنة بين الإنفاق الفعلي والتقدير والإيراد المحقق والمتوقع.
وطالبوا بأحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" حكومة اشتية بإعادة النظر في المخصصات المالية للقطاعات المختلفة، على أن تخفض موازنة الأمن وترفع موازنة القطاعات الإنتاجية والصحة والتعليم، مع الأخذ في الاعتبار إعطاء قطاع غزة حصته الكاملة من الموازنة العامة.
ولم تصدر حكومة اشتية مشروع موازنتها للعام الجاري 2023، على الرغم من انتهاء أول شهرين من السنة المالية الحالية.
وتُعد الموازنة العامة، أهم وثيقة اقتصادية، توفر معلومات تتعلق بأثر السياسات الحكومية في توزيع الموارد والنمو الاقتصادي وغيرها، وتحتوي الموازنة على برنامج مفصل لنفقات السلطة وإيراداتها لسنة مالية معينة.
ويبين الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى أن السلطة منذ سنوات عديدة وهي غير ملتزمة بقانون الموازنة العامة، من حيث الإعداد والعرض والقطاعات التي تشملها، مبيناً أن تعطيل المجلس التشريعي أضعف الموازنة العامة وحولها إلى جدول توقعات ليس أكثر، وتغلبت قطاعات في الموازنة على حساب قطاعات أخرى.
ويقول موسى: إن الموازنة العامة التي توضع وفق أسس القانون تحدد اتجاه الدولة طوال العام وتحميها في المسارات المالية والاقتصادية والاستثمارية.
ويؤكد أن عرض الحساب الختامي نهاية كل سنة مالية، ضرورة لأصحاب القرار السياسي والاقتصادي لمراجعة ما تم إنفاقه فعلياً وما تم تحصيله، والوقوف عند معدلات التنمية والاستثمار التي شملتها الموازنة.
ويلفت موسى إلى أن إبقاء الحساب الختامي طي الكتمان، يفسر على أن الموازنة فيها خلل كبير، وضعف في إدارة المال العام، وربما فساد مالي لا ترغب حكومة اشتية أن يظهر للعلن.
وكان مجلس الوزراء برام الله أقر مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2022 بإجمالي إيرادات متوقعة قدرها 4.7 مليارات دولار ونفقات قدرها 5.8 مليارات دولار وعجز قدره 558 مليون دولار.
"أولويات الإنفاق العام"
من جهته يوضح الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن وقت إعداد وعرض الموازنة آخذ في النفاد، ومن المرجح أن تبرر حكومة اشتية سبب التأخير "بوضعها المالي الحالي الحرج"، وصعوبة تصور الوضع المرتقب في ظل تراجع التمويل الخارجي واستمرار الاحتلال في قرصنة أموال المقاصة.
ويشير دراغمة إلى أن حكومة اشتية منذ نحو عام وهي تصرف رواتب موظفيها منقوصة، يضاف إلى ذلك إضراب المعلمين الذين يطالبون بزيادة على رواتبهم ما يشكل تحديا كبيرا على أداء الحكومة.
ومع ذلك يؤكد الاختصاصي أن الموازنة لا بد أن تخرج في موعدها المحدد، لأن التأخير يثير الإرباك والقلق وأنه لا بد من أهل الاختصاص والاقتصادين أن يطلعوا عليها.
وطالب حكومة اشتية بالانفتاح على المواطنين وتعزيز الشفافية وإشراك المجتمع المدني في تحديد أولويات الإنفاق العام.
وعائدات المقاصة هي مستحقات ضريبية فلسطينية تجبيها حكومة الاحتلال نيابة عن الواردات الفلسطينية من دولة الاحتلال والخارج، وتحولها نهاية كل شهر لخزينة السلطة بعد اقتطاع عمولة 3 بالمئة، وتشكل حوالي 60 بالمئة من إجمالي الإيرادات الفلسطينية.
وتبلغ خصومات واقتطاعات المقاصة شهريا قرابة 230 مليون شيقل، ليبلغ مجمل قيمة هذه الخصومات والاقتطاعات في 2022، نحو 2.68 مليار شيقل. حسب وزارة المالية برام الله.
وشهدت المساعدات الدولية للسلطة تراجعا حادا في السنوات الأخيرة، لتصل إلى 400 مليون دولار، انخفاضا من معدل سنوي بمقدار 1.1 مليار دولار قبل عام 2013.
من جانبه يبين الاختصاصي الاقتصادي د. وليد الجدي أن الموازنة العامة التي تعتمد على ما يأتيها من أموال المانحين، ستبقى دائماً تواجه خللاً ولا تنضبط في الوقت المحدد.
ويلفت الجدي إلى أن السلطة أُقيمت في الأساس على المعونات الدولية وليس على ما تملكه من موارد طبيعية، وأن اتفاق باريس الاقتصادي كان السبب الرئيس في تشويه الاقتصاد الوطني وجعله تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي.
وينتقد الجدي إعطاء حكومة اشتية فاتورة الرواتب الأولوية في الإنفاق على حساب التوسع في المشاريع التنموية التي تخدم أكبر شريحة من المجتمع.