فلسطين أون لاين

التحريض المستمر ضده يثير المخاوف على حياته

تقرير عكرمة صبري.. محط استهداف المستوطنين وحكومتهم

...
الشيخ عكرمة صبري
القدس المحتلة- غزة/ أدهم الشريف:

ما تنفك جماعات المستوطنين وحكومة الاحتلال الإسرائيلي بأذرعها الأمنية والعسكرية، عن استهداف الشخصيات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية ولا سيما بالقدس المحتلة، بدلالة ما يتعرض له رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، من تحريض إسرائيلي مستمر يثير بشدة المخاوف على حياته.

ويتزامن التحريض ضد صبري (85 عامًا)، ويسكن حي الصوانة في مدينة القدس، مع تصاعد استهداف المسجد الأقصى، بعد تشكيل حكومة المستوطنين برئاسة بنيامين نتنياهو.

ويعدّ الشيخ صبري أحد أبرز الشخصيات الإسلامية التي تحظى بتاريخ واسع ومشرف في الحفاظ على تراث المسجد الأقصى أمام ما يتعرض له من انتهاكات ومحاولات مستمرة للسيطرة عليه منذ 1967.

وقد جعل الدفاع المستمر عن الأقصى والتنديد بجرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين ورفض الاقتحامات اليومية من الشيخ صبري، محط استهداف دائم للجماعات الاستيطانية وحكومة الاحتلال وأذرعها الأمنية أيضًا.

وكان صبري ولد في مدينة قلقيلية، شمالي الضفة الغربية المحتلة عام 1938، لعائلة عرفت بالتدين وحب العلم، فوالده الراحل الشيخ سعيد صبري، كان قاضيًا شرعيًّا لعدة مراكز كان آخرها قاضي بيت المقدس وعضو محكمة الاستئناف الشرعية، وهو عضو مؤسس للهيئة الإسلامية العليا في القدس، كما تولى الخطابة في المسجد الأقصى المبارك.

اقرأ أيضًا: المتابعة في الداخل المحتل تحذّر من حملة تحريض على شخصيات فلسطينية

مؤهلات علمية

وقد أنهى الشيخ صبري دراسته الثانوية في المدرسة الصلاحية بمدينة نابلس، شمالي الضفة، ثم التحق بجامعة بغداد ليتخرج منها عام 1963، حاصلًا على بكالوريوس في الشريعة الإسلامية واللغة العربية.

وفي عام 1989 حصل صبري على شهادة الماجستير في الشريعة من جامعة النجاح الوطنية بنابلس، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الأزهر بمصر في تخصص الفقه عام 2001.

ولقد بدأ الشيخ عكرمة حياته العملية مدرسًا في ثانوية الأقصى الشرعية (المعهد العلمي الإسلامي سابقًا) وبعد عدوان يونيو/ حزيران عام 1967، تولى الشيخ عكرمة إدارة مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية التي اضطرت للانتقال من بناية المدرسة التنكزية بعد أن استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي إلى بناية دار الأيتام الإسلامية في البلدة القديمة قبل أن يستقر بها المقام في أروقة المسجد الأقصى المبارك وتحديدًا في باب الأسباط.

واستطاع صبري أن يثبت وجوده وبجدارة في عمله في ثانوية الأقصى الشرعية إذ برزت أنشطة المدرسة وأصبحت لاحقًا رافدًا لدور القرآن الكريم في القدس وضواحيها.

وكانت أول دار للقرآن الكريم أسسها صبري عام 1972، وقد تولى عددًا من المناصب منها مدير الوعظ والإرشاد في الضفة الغربية، ومدير كلية العلوم الإسلامية- أبو ديس، ومفتي عام القدس وضواحيها والديار الفلسطينية.

وهو أيضًا مؤسس ورئيس هيئة العلماء والدعاة في فلسطين عام 1992، ورئيس مجلس الفتوى الأعلى في فلسطين وخطيب المسجد الأقصى المبارك، وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وعضو مؤسس لمجمع فقهاء الشريعة في أمريكا، وانتخب رئيسًا للهيئة الإسلامية العليا في القدس عام 1998.

استهداف مقصود

وكان "صبري" من أبرز وأشد الشخصيات الإسلامية الرافضة لخطط الاحتلال لتقسيم المسجد الأقصى، وأشدها تحذيرًا من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وجعله ذلك محط استهداف مستمر للاحتلال والمستوطنين.

وتعرض منزل صبري في حي الصوانة بالقدس لسلسلة اقتحامات على مدى السنوات الماضية، ورافقها اعتقاله أو استدعائه للتحقيق، كما حصل معه في مارس/ آذار 2021، إذ اعتقلته قوات الاحتلال من منزله في حملة اعتقالات واسعة بالقدس والضفة، واضطرت للإفراج عنه بعد ساعات بسبب الضغط الجماهيري الذي سببه الاعتقال.

اقرأ أيضًا: "عطون" يحذر من مخطط خطير يستهدف الأقصى والشخصيات المقدسية

وفي أكتوبر/تشرين أول 2021، اقتحمت أيضًا قوات الاحتلال منزل صبري، وسلّمته استدعاءً للتحقيق في مركز شرطة المسكوبية، وفي يناير/ كانون الثاني 2023، تكرر الانتهاك نفسه، في مشهد يثبت إلى أي حد يمثل هذا الخطيب مصدر قلق وإزعاج للاحتلال بسبب دفاعه المستمر عن الأقصى.

غير أن الشيخ صبري منذ تشكيل حكومة المستوطنين برئاسة بنيامين نتنياهو، تعرض لتحريض واسع أصبح يثير المخاوف من المساس به شخصيًا خاصة من المستوطنين الذين يلقون دعمًا كبيرًا من وزير ما يسمى "الأمن القومي" إيتمار بن غفير، وغيرها من الانتهاكات.

تحريض مستمر

وقال خالد زبارقة محامي الشيخ صبري: إن التحريض المستمر ضده يصدر عن شخصيات متنفذة بين المستوطنين أصبحت الآن جزءًا من حكومة الاحتلال، كما يصدر أيضًا عن كتاب وصحفيين كبار من المتطرفين اليهود.

وأضاف زبارقة لصحيفة "فلسطين": "نتابع أيضًا تبعات هذا التحريض على الشارع الإسرائيلي، وهو متوتر ومُحرض تحريضًا كبيرًا جدًا، وهناك تخوف كبير وقلق شديد على سلامة وصحة الشيخ عكرمة صبري من جراء هذا التحريض الذي يلقى آذانًا صاغية عند الجماعات اليهودية المتطرفة، وهناك مخاوف أن يؤدي هذا التحريض إلى استهدافه مباشرة".

ودق زبارقة ناقوس الخطر أمام الجهات المحلية والعربية والإسلامية والدولية كذلك، من أجل العمل على إجبار الاحتلال بكل أذرعه بالتوقف عن التحريض.

وتابع: "أي مساس بالشيخ صبري ستكون له تبعات خطيرة جدًا، ويتوجب على كل مسؤول الوقوف عند مسؤولياته، ويمنع هذا التحريض المنفلت وتبعاته".

وبيَّن أن التحريض ضد صبري يمتد منذ عدة أشهر، وقد بدأ في ندوة شارك فيها مجموعة من أعضاء "الكنيست" المتطرفين، الذي أصبحوا الآن جزءًا من حكومة نتنياهو.

ونبَّه إلى أن صبري لا يملك أي نوع من الحماية، وهو يتجول في القدس دون أي مرافقين، عادًّا أن الهدف من التحريض المستمر ضده إفلات العقال للمتطرفين اليهود لاستهدافه.

وأشار إلى مقال نشرته مؤخرًا صحيفة "معاريف" العبرية، كتبه صحفي متطرف، وسلَّط الضوء على الشيخ عكرمة صبري، مستدركًا: لدينا مخاوف كبيرة على صحته وسلامته".