فلسطين أون لاين

حوار بكيرات: سلوك حكومة المستوطنين في القدس سيشعل حربًا مفتوحة

...
القدس المحتلة- غزة/ حاوره نور الدين صالح:

حذر نائب المدير العام للأوقاف الإسلامية في القدس د.ناجح بكيرات، من أنّ سلوك حكومة المستوطنين بقيادة بنيامين نتنياهو في مدينة القدس، والمسجد الأقصى، سيشعل حربًا مفتوحة.

وقال بكيرات في حوار مع صحيفة "فلسطين": إنّ مدينة القدس تعيش حالة غريبة عنوانها الاضطهاد على مختلف المستويات الديني والأخلاقي والاقتصادي والسياسي، مشددًا على أنّ "ممارسات حكومة نتنياهو ليس فقط محاولة تكسير العظام، إنما لإنهاء الوجود المقدسي كاملًا".

وأوضح أنّ الاحتلال يحارب المدينة المقدسة والمسجد الأقصى على ثلاثة أصعدة وهي: العمراني، والديني، وتزييف الرواية الإسلامية الفلسطينية.

وبيّن بكيرات أنّ هناك تهديدًا واضحًا للأقصى عبر المطالبة بهدمه، إذ انطلق الاحتلال في عملية مسعورة لهدم بيوت المقدسيين في الأحياء المجاورة للمسجد، لافتًا إلى أنه هدم قرابة 3 آلاف بيت منذ بداية العام الجاري "وهذا اضطهاد لم تشهده المدينة المقدسة من قبل".

وأضاف أنّ الاحتلال يسعى لتغيير المشهد العربي العمراني الإسلامي في المدينة المقدسة والأقصى، عبر تكثيف البناء الاستيطاني المتواصل على مدار الساعة في مختلف الأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى، وشقّ الطرق الالتفافية، وغيرها من الإجراءات العنصرية، مستدركًا: "لكنّ أهل القدس ثبّتوا واستطاعوا خلق مشهد في شرقي القدس".

اقرأ أيضًا: تقرير حي البستان المقدسي.. خطر الهدم يتهدد درع الأقصى

وأشار إلى أنّ هناك محاولات إسرائيلية لخلق مشهد يهودي عمراني بشقّ الطرق وبناء الكُنس اليهودية في البلدة القديمة والأحياء المجاورة لها، وآخرها إنشاء مشروع "تلفريك" من حي الطور مرورًا بباب الأسباط وصولًا إلى حي سلوان جنوبي المسجد الأقصى.

ولفت إلى أنّ هناك محاولات إسرائيلية مستمرة لتقليل أعداد المقدسيين بتكثيف سياسات التهجير ومناداة الجماعات المتطرفة بتقليص نسبة السكان الفلسطينيين في القدس إلى 20% والبقية من اليهود.

وأكد بكيرات، أنّ الحرب الديموغرافية ما تزال قائمة وسلك فيها الاحتلال جرائم الاعتقال والهدم والترهيب وفرض الضرائب الباهظة على المقدسيين، ومنع التأمين الصحي إضافة إلى القوانين العنصرية الجائرة.

وبحسب قوله، فإنّ الحرب ضد المقدسيين هجّرت قرابة 150 ألف مقدسي خارج الجدار بعدما ضاقت بهم السُّبل ولم يجدوا لهم مأوى، ومنهم من ذهب للسكن في مناطق الضفة الغربية، مؤكدًا أنّ حرب التهجير تتصاعد يومًا بعد آخر.

رواية توراتية

في السياق، شدد نائب المدير العام للأوقاف أنّ حكومة نتنياهو تسعى لتقديم رواية توراتية متكاملة، فهي لا تؤمن بوجود المسجد الأقصى، إنما ما يُسمى "جبل الهيكل" المزعوم وأنّ القدسَ ليست للمسلمين والمسيحيين أيضًا.

وذكر، أنّ حكومة نتنياهو تزعم أنّ القدس لليهود فقط، لذلك تسعى لإزالة كلّ ما هو غير ذلك، وتفرض سيطرة أمنية وإدارية على المسجد الأقصى لتقديم روايتها المزوّرة.

وقال: إنّ "الاحتلال فرض سياسته الإدارية على الأقصى بمطالبته الدائمة بإنهاء دور الأوقاف الإسلامية"، موضحًا أنّ هناك صراعًا في القدس والأقصى بشأن استمرار دائرة الأوقاف بالإشراف أم لا.

وأفاد بأنّ الأوقاف تشرف على معظم مناطق البلدة القديمة، حيث يتبع لها 120 مسجدًا في القدس وقرابة 1000 عقار ما بين مدرسة ومنشأة، وهي تتبع للأوقاف الأردنية ومُسجّلة منذ الفتح الإسلامي.

وأضاف: إنّ "كل هذه الممارسات يقابلها ثبات مقدسي عربي، إذ بلغ الوجود المقدسي قرابة 37%، وهناك رواية أثبتها أهل بيت المقدس، تتمثل برفض البوابات الإلكترونية وتأكيد قدسية باب الرحمة وغيرها من الإجراءات الإسلامية".

وتابع: "علينا أن ندرك تمامًا أنّ حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو يمينية متطرفة وإرهابية ولا ترى أيّ وجود ديني إسلامي لأحد، وتنطلق من رواية توراتية خرافية".

وجدّد التأكيد أنّ حكومة المستوطنين تشنُّ حربًا دينية بحتة ضد المدينة المقدسة والأقصى والشخصيات البارزة وكل المؤثّرين، من منطلق الخرافة الدينية، مبيّنًا أنها جاءت برواية دينية مزيفة متطرفة وسعت لتطبيقها والتعامل مع الفلسطينيين وِفْقها.

ولفت إلى أنّ جزءًا كبيرًا من المجتمع الإسرائيلي يرفض هذه الرواية، قائلًا: "الحرب الإسرائيلية تُشنُّ علينا باسم الدين والاقتحامات أيضًا، إذ إنّ الاحتلال حوّل القضايا السياسية إلى دينية".

وبيّن أنّ حكومة الاحتلال أنشأت قرابة 100 مدرسة وكنيس يهودي في محيط الأقصى، فهم يُربّون أجيالهم على محاربة الفلسطينيين وقتل العرب والمسلمين.

وشدد على أنّ "الحرب الدينية التي تشنها حكومة نتنياهو ستنقلب عليهم والرواية القرآنية ستُبطل كل هذه الروايات المُزيّفة"، محذرًا: "المساس بالأقصى كما يفكر (وزير الأمن القومي في حكومة المستوطنين إيتمار بن غفير) سيُشعل حربًا عالمية، تكون فيها (إسرائيل) الخاسر الأكبر".

فراغ إداري

في السياق، أكد بكيرات، أنّ الاحتلال يواصل اعتداءاته ضد رموز المسجد الأقصى والشخصيات المؤثرة فيه عبر سياسة الإبعاد والاعتقالات تحت "مزاعم واهية" بهدف تفريغ الأقصى وتسهيل اقتحام المستوطنين باحاته.

وأوضح أنّ حكومة المستوطنين تسعى لتجفيف الوجود الفلسطيني في الأقصى وخلق فراغ إداري بالتركيز على إبعاد المرجعيات الدينية، بهدف تغييب جرائمها المرتكبة بحقّ المدينة المقدسة عن العالم.

ووِفق قوله، فإنّ المساس بهذه المرجعيات يترتب عليه مخاطر عدّة أبرزها جعل الأقصى بلا مرجعية، وهو ما ينعكس سلبيًا على مدينة القدس التي تعيش حالة احتلال وأهلها الذين هم بحاجة لقيادتهم.

والخطر الآخر، والحديث لبكيرات، هو سعي الاحتلال للتفرد بالأقصى كيفما يشاء دون وجود مواجهة، وخلق حالة من الخوف والترهيب لدى المجتمع المقدسي.

اقرأ أيضًا: تقرير تزايد الانهيارات في الأقصى.. خطر يهدد أقدس المقدسات

وأضاف: إنّ "هناك صراعًا كبيرًا في حكومة الاحتلال من أجل محاولاتها فرض وجود ما تُسمى الطقوس اليهودية في الأقصى"، مشيرًا إلى أنّ وتيرة اقتحامات المستوطنين زادت منذ مطلع العام الجاري، إضافة إلى إبعاد الرموز المؤثرة وتنفيذ ما يسمى "السجود الملحمي" بحماية من شرطة الاحتلال.

وتابع: "حكومة الاحتلال تسعى لإظهار أنّ لها وجودًا في الأقصى عبر إجراءاتها العنصرية"، منبهًا إلى أنها أبعدت منذ بداية العام الجاري 215 شخصية مقدسية، وهو أحدهم وللمرة الثلاثين.

وشدّد على أنّ حكومة الاحتلال تسعى بتكثيف الاقتحامات إلى تحقيق وعدها لناخبيها بتوفير مكان لليهود في الأقصى، إضافة إلى تغيير الوضع الذي كان عليه الأقصى قبل عام 1967.

وقال: إنّ "مساعي الاحتلال لم تعد تقتصر على حائط البراق والكنس اليهودية، إنما يريدون إلغاء التاريخ الإسلامي المُتجذّر بالقدس والأقصى".

المقاومة الأساس

وبشأن دور المقاومة في إسناد القدس، أكد بكيرات أنّ دور المقاومة مهم جدًّا في دعم مدينة القدس وإسنادها، قائلًا: "كلّما قاومنا الاحتلال كلما أحرزنا وجودًا لنا والاحتلال لم يجرؤ على تنفيذ الكثير من الإجراءات العنصرية بحق القدس".

وشدد على أنّ "مقاومة الاحتلال هي الأساس من أجل إبقاء قضية الأقصى وفلسطين حيّة، وأيّ طريق آخر سيُفضي بنا إلى نفق مظلم"، لافتًا إلى أنّ الوصاية الهاشمية "مهمة" ويسعى الاحتلال إلى إضعافها وصولًا إلى إلغائها. 

وناشد بكيرات الحكومة الأردنية، للمحافظة على الوصاية الهاشمية وإبقاء دور الأوقاف الدينية في حماية الأقصى، خاصة في ظل مطالبات الجماعات المتطرفة من حكومتهم بإنهاء دورها.

وعن دور السلطة تجاه القدس، قال: "السلطة قيّدت نفسها باتفاقية أوسلو التي منعتها من ممارسة أيّ مسار في القدس، لذلك يبقى التعويل على المقدسي الذي يقارع الاحتلال".

في سياق ذي صلة، أكد بكيرات أنّ التطبيع العربي لمّع وجه الاحتلال كثيرًا، ومنحه غطاءً للانفراد في الأقصى والمقدسيين، ووصفه بـ"سكين قاتلة في ظهر الفلسطينيين".

وأضاف: "التطبيع جاء من الحكام لكننا نثق بالشعوب العربية، وإبقاء القضية الفلسطينية حاضرة لديهم".

وطالب بكيرات، بتوحيد الرؤية الفلسطينية والعربية والإسلامية على رؤية واحدة لمواجهة الاحتلال ومخططاته الممنهجة الرامية لمسح الرواية الإسلامية الفلسطينية، داعيًا الكل الفلسطيني لشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى وعدم تركه فارغًا.