فلسطين أون لاين

مستوطنة يهودية كان اسمها "غوش قطيف"؟

"غوش قطيف" عبارة عن تجمع مستوطنات سيطر على قلب قطاع غزة، امتد من حدود رفح في الجنوب، وحتى حدود دير البلح في الشمال، وسيطرت مستوطنة غوش قطيف على الأرض الفاصلة بين مخيم خان يونس والبحر الأبيض المتوسط، حتى صار الفلسطيني الراغب بالاستحمام أو الاستجمام على شاطئ البحر، عليه أن يمر من قلب الحواجز الأمنية المحيطة بالمستوطنة.

وكان للمستوطنين الصهاينة كُنس للعبادة الزائفة داخل المستوطنة، وكان لهم مدارس وجامعات، وحقول زراعية، ودفيئات لإنتاج أطيب أنواع الخضراوات، التي صدرها المستوطنون الصهاينة إلى أوروبا، وكانت الطريق الواصلة بين المستوطنة وبقية الأرض الفلسطينية المغتصبة سنة 1948 مؤمنة بالجيش الإسرائيلي، والتواصل الآمن مع الحلم اليهودي بـ"دولة" (إسرائيل) الكبرى لا ينقطع.

وكانت مستوطنة "غوش قطيف" نقطة انطلاق الجيش لشن العمليات الإرهابية ضد سكان خان يونس، وكانت المستوطنة البائدة تفصل بين مليون فلسطيني يسكنون شمال قطاع غزة، ومليون فلسطيني يسكنون جنوب قطاع غزة، تماماً كما تفعل المستوطنات اليهودية هذه الأيام في محيط بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية، بل وكان المستوطنون أنفسهم يستعرضون عضلاتهم بسلاحهم في شوارع مخيم خان يونس، ويشنون غاراتهم الوحشية على التجمعات السكنية، تماماً كما حدث قبل أيام في بلدة حوارة، حتى وصل الصلف والغرور بالمستوطنين الصهاينة إلى حد حرق بيوت المواطنين الفلسطينيين في منطقة المواصي، تماماً مثلما حدث في بلدة حوارة قبل عدة أيام، مع فارق بسيط، وهو عدم وجود تغطية إعلامية مثل التي تحدث هذه الأيام.

فأين ذهبت مستوطنة غوش قطيف؟ وما الذي أوجع المستوطنين الصهاينة؟

عندما ضعفت السلطة الفلسطينية، وشلت يد التنسيق والتعاون الأمني عن العمل، في ذلك الزمن الوطني الجميل، قبل عشرين سنة، حين كان عبق الشهداء يفوح من أخاديد الأرض، مع تصاعد فعل رجال المقاومة الفلسطينية، تماماً كما يتصاعد فعل أبطال عرين الأسود في هذه الأيام على أرض الضفة الغربية، في ذلك الزمن المقاوم، انطلق الشباب الفلسطيني برصاصهم وقذائفهم يواجهون المستوطنين الصهاينة، حتى بلغت عدد القذائف التي أطلقت من مخيم خان يونس ومحيط المدينة باتجاه المستوطنة اليهودية حوالي 6000  قذيفة، وعشرات آلاف الرصاصات، وأمست طريق المستوطنين الآمنة تحتاج إلى عدة كتائب من الجند لتأمينها، وغدت المنتجات الزراعية حبيسة المستوطنة، وصارت العائلات اليهودية المنزهة عن الخوف والفزع، لا تتحرك إلا بمواكب، وتحت حراسة الجند، وقتها، صدرت الأوامر الحكومية بتفكيك مستوطنة غوش قطيف وأخواتها، وترحيل المستوطنين، والابتعاد عن قطاع غزة، وهم الذين زعموا يوماً، أن غوش قطيف لا تقل "قداسة" عن (تل أبيب).

طريق النجاة لبلدة حوارة محفوفة بالمقاومة، وطريق الخلاص من التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية مقترنة بالمقاومة، وطريق تحرير أرض الضفة الغربية كلها، بما في ذلك المقدسات الإسلامية تمر من بوابة المقاومة، وما دون ذلك من لقاءات في العقبة، أو زيارات للمسؤولين الأمريكيين، أو اللقاء مع رجال الأمن الإسرائيليين، كل ذلك لا يخدم إلا التهدئة، والتهدئة هي الأكسجين الذي يغذي توسع الاستيطان ومواصلة العدوان.