فلسطين أون لاين

تقرير عائلة "محيسن" هدمت منزلها قسرًا بالقدس فذاقت الأمرَّين

...
عائلة "محيسن" هدمت منزلها قسرًا بالقدس فذاقت الأمرَّين
القدس المحتلة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

من الثامنة صباحًا وحتى المساء وعلى مدار أيام، أمضى نادر محيسن (47 عامًا) برفقة أبنائه وإخوته ساعات طويلة يهدمون بيتهم في بلدة العيساوية بمدينة القدس المحتلة بواسطة أدوات يدوية بأسلوب "حذر" اختاروه مُرغمين رغم مشقته الكبيرة، حتى لا يؤثر الهدم على بيتهم الثاني الملاصق.

لم يرُق الأسلوب لشرطة وبلدية الاحتلال التي طلبت من العائلة إحضار باقرٍ وامتثلت مُرغَمة، حتى انتهت الجرافة من هدم معظم أجزاء البيت، لكنّ الهدم لم يعجب البلدية الإسرائيلية.

صباح الثلاثاء الماضي، استيقظ أفراد العائلة فزعين على وقع ارتجاج جدران البيت بهم، لم يكن الصوت ناجمًا عن ارتدادات زلزالٍ كما اعتقدوا، بل بواقر إسرائيلية كانت تغرز مخالبها في جدران استنادية وأعمدة تربط البيت المهدم، ببيتهم الحالي.

غرامة باهظة

أمهلت سلطات الاحتلال العائلة حتى الخامس عشر من فبراير/ شباط الماضي لهدم البيت قسرًا، أو دفع غرامة مالية بالغة 100 ألف شيقل، فلم تعجب طريقة الهدم التي استخدمتها العائلة بلدية الاحتلال فجلبت جرافتين لهدم بقايا الحطام، وأبلغت العائلة بدفع التكاليف، لتذيقها الأمرَّين، الهدم الذاتي والغرامة المالية.

"شوف الشغل الحلو اللي سويناه" ابتلع نادر محيسن ووالده زكريا (69 عامًا) وإخوته غصة القهر بداخلهم أمام استفزازات ضابط جيش الاحتلال بتلك الكلمات، سبقها اعتداء الجنود على أفراد العائلة.

ويقول لصحيفة "فلسطين": "نحن تعبنا، وقمنا بهدم المنزل على مدار أيام، حتى نحافظ على بيتنا الآخر، وبعد كل ذلك لم يعجبهم، فجاؤوا بطريقة إرهابية همجية وهدموا بقايا البيت المهدوم، وأحدثوا أضرارًا بأساسات البيت الحالي".

اقرأ أيضًا: بالفيديو آليات الاحتلال تكمل هدم منزل عائلة محيسن في بلدة العيساوية

تحضره صورٌ مما عانته العائلة في هدم بيت قيد الإنشاء لم تتجاوز مساحته 30 مترًا مربعًا مكون من طابقين: "استخدمنا أدوات يدوية مثل (كونغو) ومهدّات أخرى خوفًا على أساسات بيتنا الآخر المكون من ثلاثة طوابق ويسكن فيه والدي وجميع إخوتي".

"اتصلوا بشقيقي وهددوه بإحضار الجرافة وعندما أحضرناها لم يعجبهم الهدم، فجلبوا باقرين عندما كنا قد انتهينا من هدم كل شيء ولم يتبقَ إلا الجدار الملاصق للبيت"، أضاف.

اغتيال حلم

لم يعطِ الاحتلال العائلة فرصة للهدم "الحذر"، ولا فرصة لإنشائه، يستعرض محيسن جزءًا من تلك الملاحقة: "منذ شهر يوليو/ تموز الماضي لم يسمح لنا بإكمال بناء الحجارة عندما انتهينا من بناء السقف، وأوقفوا العمل، وأصيب أبي زكريا بجلطة قلبية نتيجة قرار الهدم ومكث بالمشفى ثلاثة أيام".

ويردف: "الأرض أرضنا، ونحن بنينا لأخي حسن (29 عامًا) منزلًا، بعد أربع سنوات من العيش في غرفة عند والدي، فلديه طفلان ولم تعد الغرفة تكفي أربعة أفراد، لكنّ الاحتلال لم يسمح له حتى بهذا الحلم البسيط ببناء بيت على مساحة 30 مترًا من طابقين".

ورغم أنّ تلك المساحة كانت جزءًا من أرض العائلة التي حاولت مرارًا وتكرارًا الحصول على ترخيص إلا أنّ بلدية الاحتلال كانت في كل مرة ترفض الطلب.

سياسة يعتبرها شقيقه نزار (46 عامًا) مخططًا ممنهجًا، يهدف لدفع الشعب الفلسطيني للرحيل عن مدينة القدس، وهذا ما لا يقبله المقدسيون، متابعًا: "نحن صامدون هم سيهدمون ونحن سنُعيد بناء المنزل".

يُرافق الغضب صوت نزار محيسن متحدثًا لصحيفة "فلسطين" عن قسوة هدم البيت قسرًا: "مؤلم أن ترى مالك وتعبك تهدمه بنفسك، ثم يأتونك ليغرموك لأنّ الهدم لم يعجبهم، فلا يوجد وصف يمكن أن يُعبّر عما بداخلنا من قهر".

على مدار عدة أشهر اختارت العائلة المسار القانوني باللجوء لقضاء الاحتلال فترافعت أمام المحاكم التي نصرت في النهاية "الظالم على المظلوم"، حكمٌ لم يكن مفاجئًا لمحيسن إذا كان العدو "هو الخصم والحكم"، مضيفًا: "لن نكون أفضل من أبناء شعبنا الذين يواجهون المصير نفسه".