فلسطين أون لاين

في قلب مخيم عايدة

بلعبة "غرس" تؤرخ "النتشة" للتقويم الشعبي للخليل

...
لعبة غرس
الخليل-غزة/ مريم الشوبكي:

ابتكرت هبة النتشة وزوجها عبد الرحمن المدلل لعبة "غرس" التي تأخذ الطفل في رحلة تحاكي الممارسات الشعبية الخليلية، ونمط الحياة فيها، والأكلات الموسمية في كل فصل من فصول السنة، مستهدفة الأطفال المهمشين في "واد الغروس" الواقع في المنطقة (ج).

حاولت هبة التي تعمل حكواتية، رسم مخيلة بديلة لمنطقة وادي الغروس بعد التحرير، بلا احتلال إسرائيلي، لتصنع حياة اجتماعية، ومشهدًا سياسيًا جديدًا، حيث السيارات الفلسطينية والحافلات المدرسية تتحرك بحرية، والشوارع مرصوفة، والمنطقة غير محاصرة.

وتبين أن اللعبة مكونة من أربع قطع، كل قطعة تمثل فصلًا من فصول السنة، وأشهرها، بقوانين خاصة، شاملة للتقويم الشعبي بكل تفاصيله من: الأرض، واللباس، والألعاب، والأكلات الشعبية المهمة.

وتوضح هبة لـ"فلسطين" أن مشروع غرس امتد العمل عليه على مدار عام، بهدف إنبات تربية واعية لدى أطفال وادي الغروس، ليتمكنوا من التعبير عن أنفسهم بأساليب فنية مختلفة، إضافة لزيادة الدافعية نحو البحث والمعرفة، والقدرة على التآلف والعيش بوعي والتفكير بمنهجية، وحتى يصبح لديهم أيضاً القدرة على إيصال همومهم وتغيير واقعهم، وذلك من خلال عمل مناصرات فنية وشراكة مع المؤسسات والبلديات.

وتلفت إلى أن اسم "غرس" اقتبسه من المنطقة التي استهدفها وهي وادي الغروس الذي يقع بين مستوطنتي "كريات أربع" و "رمات ممرا (خارصينا)"، والذي يقع ضمن المنطقة (ج).

ويبلغ عدد سكان وادي الغروس أكثر من 1000 نسمة، تقع بيوتهم على بعد مسافة صفر من التجمعات السكنية، والمعسكرات الإسرائيلية، إضافة إلى وجود أكثر من خمسة حواجز عسكرية ونقطة عسكرية أخرى ثابتة تغلق شمالي الشارع.  

وقام الزوجان بجهود حافلة من خلال احتكاكهما بسكان وادي الغروس، حيث عقدا عدة لقاءات حوارية مع النساء والرجال والأطفال في المنطقة والمناطق المجاورة لها، من أجل التعرف من كثب إلى عاداتهم وثقافاتهم.

تقول هبة: "بالإضافة إلى ذلك نفذنا العديد من الفعاليات، والأنشطة لجميع الفئات العمرية، وكذلك رحلة، ومسار بيئي، وفعاليات لحث الأطفال على الرسم، ولم يخلُ الأمر من عقد أنشطة لتعلم طهي الأكلات الخليلية التراثية الموسمية لإحيائها من جديد".

وتضيف: "لا نريد أن تنسى هذه العادات لا من الخليل أو أهلها، إضافة إلى ضرورة مشاركة الأطفال بهذا المشروع لتربيتهم على التراث ومدى أهميته، وأيضًا أهمية مشاركة السيدات الكبيرات بالسن، اللواتي هن كنز يجب الاهتمام به والمحافظة عليه، فقد استضفناهن في المشروع وتعرفنا إلى وصفات للكثير من الأكلات".

وتشير إلى أن جميع الرسومات الموجودة في اللعبة هي من إبداعات أنامل ومخيلات أهالي المنطقة، وأطفالهم، إضافة إلى الأشخاص المشاركين في الأنشطة والفعاليات الميدانية.

وتؤكد هبة أنها من خلال لعبة غرس تظهر أن مدينة الخليل عاداتها واحدة، رغم أنها مهمشة، ومقطعة الأوصال بسبب الاتفاقيات السياسية، وتصنف إلى منطقتي (H2) وتمثل الحارة "التحتا"، و(H1) الحارة الفوقا". 

وتؤكد هبة أنها تهدف بمشروعها إلى إبقاء الخليل حاضنة للمأكولات الشعبية، والمناسبات، وأن يتم تعريف الفلسطينيين في المدن، والقرى الأخرى بالداخل، والشتات عليها، وهي فرصة أيضًا للأجيال التعرف إليها، والمحافظة عليها من الاندثار، لأنها تمثل تاريخ فلسطين الشعبي الذي يحاول الاحتلال سرقته.

وتلفت إلى أن لعبة غرس مجتمعية مجانية، سيتم توزيعها على مدارس مدينة الخليل ومكتباتها، بهدف تشجيع الأطفال على اقتنائها، ومشاركة عائلاتهم في لعبها، وتعريفهم بعادات وثقافة مدينتهم، والتصاقها بذاكرتهم مدى حياته.

وتشير هبة إلى أن لعبة غرس سيتم إصدار نسخ منها باللغة الإيطالية، والإنجليزية، بهدف تعريف العالم بعادات أهالي مدينة الخليل، وتسليط الضوء على معاناتهم مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يقسم مدينتهم.

وتختم حديثها: "الفن، والثقافة أداة للتعبير عن النفس، ونستطيع من خلاله التسليط على القضايا المجتمعية التي تعاني تهميشا، ومحاولة إبرازها ودعوة الناس لإحيائها، والمحافظة عليها، لأنها تمثل تراثهم، وحضارتهم".