لم يقتصر عطاء الشهيد سامح أقطش (37 عامًا) على خدمة أبناء شعبه العالقين على الحواجز العسكرية الإسرائيلية في النهار والليل، بل دفع حب العطاء في نفسه للسفر مؤخرًا إلى تركيا لإغاثة المتضررين من الزلزال.
ولأجل ذلك، تواصل "الشيخ سامح" مع أصدقائه في تركيا، لمساعدته في الوصول لمناطق المتضررين من الزلزال الذي شهدته تركيا وسوريا، بحسب شقيقه "واصل"، الذي أفاد بعودته قبل خمسة أيام ليرتقي شهيدًا على تراب وطنه.
وأوضح "واصل" أن شقيقه قضى حياته متنقلًا بين مساجد بلدات وقرى نابلس، كما تنقل بين عدة بلدان ودول من أجل "الدعوة".
وتطرق "واصل" لحياة شقيقه التي قضاها أيضًا في خدمة الناس والعالقين على الحواجز العسكرية الإسرائيلية التي تقطّع أوصال مدينة نابلس وبلداتها وقراها.
وأشار في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن شقيقه الشهيد أقام "ديوانًا عائليًا" لاستضافة العالقين على "حاجز زعترة" وتأمين المبيت والطعام والشراب لهم؛ رغبة في الأجر والثواب وحبًا في خدمة الوطن وأبناء شعبه.
"والشيخ سامح" كما يناديه أهالي حي زعترة وبلدات نابلس متزوج ولديه خمسة من الأبناء، ويعمل في مجال الحدادة.
وارتقى أقطش، أول من أمس، برصاص مستوطنين متطرفين في هبته للتصدي لاعتداء قوات الاحتلال والمستوطنين على بلدات شرق نابلس.
اقرأ أيضاً: "حماس" تنعى الشهيد أقطش وتدعو لصدّ إرهاب المستوطنين
وبحسب شقيقه: هاجم عدد من المستوطنين منازل المواطنين القريبين من حاجز زعترة، ولم نكن سوى 15 شابًا، هُرعنا لمساعدة أهالي بلدة بيتا للتصدي لهم، ولكن سرعان ما تدخلت قوات الاحتلال وباشرت بإطلاق النار إطلاقًا جنونيًا، حتى أصيب "سامح" برصاصة في البطن.
ولم تقتصر حياة الشهيد على مساعدة العالقين على الحواجز العسكرية، بل اشترى "مركبة جبلية" ذات الدفع الرباعي؛ لاستخدامها في إخراج العالقين من الأمطار أو المناطق الجبلية بالضفة.
وشيعت جماهير غفيرة، أمس، جثمان الشهيد أقطش الذي تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو في أثناء ارتقائه وهو يردد "الشهادتين".
وقبل مواراته الثرى، تُليت على مسامع المشيعين وصيته التي جاء فيها: "أوصيكم من بعدي بتقوى المولى والخروج في سبيل المولى لأن الخروج نور في هذا الزمان المظلم".
وأوصى في وصيته: "كفنوني بثياب الإحرام لعل المولى عز وجل يغفر لي وأن لا يدخل مُغسلتي إلا رجلين من أهل الدين وأن تجلسوا عند قبري نصف ساعة، وأرجو أن أكون قد فارقت الدنيا وليس لأحد عندي حق وأرجو من أحد إخواني أن يتكفل بديني قبل دفني واعتبروا يا أولي الألباب.. أخوكم سامح".
وعبر "واصل" عن فخره بشقيقه الشهيد وحياته التي قضاها في طاعة ربه وخدمة الناس.
وشهدت بلدات وقرى حوارة، بورين، عصيرة، زعترة شرق مدينة نابلس، هجومًا همجيًا لعشرات المستوطنين الذين نفذوا أعمال حرق للمنازل والمركبات والاعتداء على المواطنين، الأمر الذي أدى إلى استشهاد المواطن أقطش، وإصابة أكثر من 100 آخرين، منهم 4 بجروح، إضافة إلى نحو 300 اعتداء.