لم تتوقف السياسات الأمريكية الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين كامتداد للحملة المسعورة التي شنتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب؛ إذ استهدفت خطتها السياسية لحل الصراع المُسماة "صفقة القرن"؛ اللاجئين وحق العودة مباشرة ومتعمدة.
وبينما أثبتت إدارة ترامب في أثناء ولايتها الممتدة بين 2017- 2021، استهداف اللاجئين بقطع التمويل الأمريكي المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وأعيد استئنافه في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، تقدم 14 عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي، مؤخرًا، بمشروع قانون يهدف إلى وقف مساهمة واشنطن المقدمة للوكالة الأممية.
تفاصيل القانون
وكان الأعضاء بمجلس الشيوخ تقدموا للكونغرس بمشروع القانون يوم 15 فبراير/ شباط، وهو يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين عبر خطة شاملة تلزم الإدارات الأمريكية كافة بضوابط قانونية، تهدف إلى إخراج القضية الفلسطينية من إطار الأمم المتحدة، وإلزام الدول لاحقًا بالقانون عند إقراره تحت طائلة العقوبات الأمريكية، حسبما أفادت الباحثة والكاتبة الاقتصادية والسياسية الفلسطينية غانية ملحيس.
وبينت ملحيس، أن مشروع القانون يهدف إلى إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني لاختزال قضية 7 ملايين لاجئ، يمثلون نصف الشعب الفلسطيني، واقتصار عددهم على بضعة آلاف، وحصره فقط في الجيل الأول الذي تعرض للاقتلاع في النكبة، وأزواجهم، وأبنائهم القصر، ونزع صفة اللاجئ عن كل من حصل على وثيقة إقامة دائمة، أو جنسية في مناطق اللجوء.
كما نبَّهت على مساعي تصفية وكالة الغوث الأممية بتقليص خدماتها عبر وقف التمويل المتاح لعملياتها، وربطه مؤقتًا بالجزء المحدود المعترف به كلاجئ وفق التعريف الأميركي، وبالشروط الإسرائيلية والأمريكية، بما في ذلك "الاعتراف بحق (إسرائيل) في الوجود، وبمزاعم علاقة اليهود التاريخية" بأرض فلسطين.
هجمات سياسية
بدوره، قال المستشار الإعلامي لوكالة "أونروا" عدنان أبو حسنة: إن الوكالة تتعرض لهجمات سياسية منظمة لا تتوقف، ومشروع القانون الأمريكي الجديد جزء من هذه الهجمات.
ونبَّه أبو حسنة في تصريح لصحيفة "فلسطين"، إلى أن مشروع القانون عبارة عن ترجمة لمجموعة من الأفكار، ولا زال في طور البداية، ولم يسلك طريقه بعد لإقراره، ولم يصل إلى هذه المراحل.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن تؤيد وجود "أونروا"، وقدمت لها دعمًا ماليًّا العام الماضي، يزيد عن 350 مليون دولار، وحثت عدة دول أخرى على تقديم الدعم للوكالة.
لكن في نفس الوقت هناك العديد من الجهات داخل الولايات المتحدة وخارجها تتمنى زوال وكالة الغوث في أقرب فرصة ممكنة، بحسب أبو حسنة.
اقرأ أيضاً: الأورومتوسطي: تعليق سويسرا وهولندا تمويل أونروا قرار طائش يقوّض حقوق اللاجئين
وتوقع أن يكون 2023 بتحدياته السياسية والمالية صعبًا جدًا على "أونروا"، ويدرك مفوضها العام وإدارتها ذلك.
وأشار أبو حسنة إلى أن دولًا مانحة أبلغت الوكالة الأممية أنها لن تزيد تبرعاتها، لافتًا إلى أن قرابة 70 مليون دولار قيمة الديون المتراكمة عليها في 2022.
ونبَّه أبو حسنة على تأييد الإدارة الأمريكية لوكالة الغوث ممكن أن ينتهي بعودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض، كما حصل من قبل بفوز ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.
وتابع: أن أولويات "أونروا" حاليًّا استمرار تقديم الخدمات لملايين اللاجئين الفلسطينيين، ودفع رواتب موظفيها، مشيرًا إلى تصاعد استهداف الوكالة سياسيًّا، بهدف تقويض شرعيتها وشرعية قضية اللاجئين.
وبيَّن أبو حسنة أن مفوض وكالة "أونروا" فيليب لازاريني، الذي يزور العاصمة السعودية الرياض، في هذه الأيام، يخوض جولات مكوكية لدعم الوكالة، وتحركات دولية على أعلى المستويات لحشد التأييد والتمويل للاجئين، تزامنًا مع تصاعد أعداد اللاجئين الفلسطينيين.
تعريف اللاجئ!
من جهته، قال رئيس اللجان الشعبية في قطاع غزة د. كمال الكحلوت: إن مشروع قانون نواب مجلس الشيوخ الأمريكي ينص على إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، وهذا الأمر تضمنته مفاوضات التسوية بين السلطة وحكومات الاحتلال.
وبيَّن الكحلوت لـ "فلسطين"، أن الاحتلال يعد اللاجئ الفلسطيني هو الذي خرج من دياره فقط إبَّان نكبة الـ 48، ويستثني أبناءهم وأحفادهم الذي ولدوا وكبروا لاحقًا، بهدف تقليص عدد اللاجئين إلى بضعة آلاف.
وأشار إلى أن محاولات تصفية قضية اللاجئين لم تتوقف طيلة السنوات الماضية، لكنها أصبحت في الآونة الأخيرة محمومة بوتيرة عالية منذ بروز اليمين الأمريكي، وما رافق ذلك من تولي ترامب رئاسة الإدارة الأمريكية سابقًا.
وعدَّ الكحلوت قضية اللاجئين أساس وجوهر القضية الوطنية الفلسطينيين، مؤكدًا أن محاولات إجبار الشعب الفلسطيني على قبول رواية الاحتلال بشأن قضية اللاجئين وحق العودة لم تتوقف.
وأكدت اللجنة المشتركة للاجئين، أن محاولات الكونغرس الأمريكي تحضير قوانين تمس بالقضية الفلسطينية تتقاطع مع برنامج حكومة المستوطنين برئاسة بنيامين نتنياهو، وتضم وزراء أشدّ تطرفًا، من بينهم وزير ما يسمى "الأمن القومي" إيتمار بن غفير.
اقرأ أيضاً: بعد وقف تمويل أونروا.. مخطط أميركي لتوطين اللاجئين
وأضافت اللجنة المشتركة في بيان مكتوب: "لم يكن عبثًا أن يستهدف الكونغرس الأمريكي قضية اللاجئين وحق العودة لما تحمله من أهمية بالغة تشكل عصب القضية الفلسطينية وشاهد حي على مأساة الشعب الفلسطيني وإرهاب عصابات الاحتلال".
وأكدت أن عودة ملايين اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها، "حق مقدس لشعبنا بكل قواه وفصائله وتجمعاته، وهو مكفول بالقرار الأممي (194)، ولا يحق لأحد التلاعب أو المساس به"، مضيفة: أن محاولات شطب حق العودة ينذر بتفجر الأوضاع في كل أرجاء المنطقة، وسوف تتحمل المسؤولية كل الأطراف التي تحاول أن تقوض هذا الحق أو التلاعب به.