الاستجابة السريعة من الجماهير الفلسطينية لنداء عرين الأسود بالتجمع في الأماكن العامة في ساعات الليل قبل يومين والتكبير نصرة ودعمًا لمجموعات المقاومة في نابلس، تكشف لنا حجم الدعم والتأييد لها، ليس في نابلس وحدها بل في كل فلسطين وخارجها بعد أن تحولت إلى عنوان للمقاومة ومشروعها بفضل تضحيات أبنائها وقادتها وعناصرها الذين يدافعون عن المدن الفلسطينية في الضفة الغربية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
لقد تمكن هؤلاء الشبان من أن يكونوا نموذجًا ورمزًا للجيل الفلسطيني الجديد الذي يضم كل من يحمل فكرة المقاومة، ويدافع عنها في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ويرفض كل المغريات ومحاولات الاستمالة التي تقوم بها السلطة مدعومة من الاحتلال والولايات المتحدة وبعض الجهات الإقليمية في سبيل إنهاء ظاهرة عرين الأسود التي تحولت من وجهة نظرهم إلى خطر حقيقي على الاحتلال في الضفة، وخاصة أنها تلتقي مع المقاومة في الفلسطينية في غزة بالفكرة والمشروع، وتناقض مشروع التسوية الذي تقوده السلطة الساعي لإنهاء الانتفاضة في الضفة الغربية.
ومحاولات وأد الظاهرة فشلت فشلًا ذريعًا أمام إرادة الجماهير التي عبّرت عن دعمها وتأييدها واحتضانها لهؤلاء الشبان، وفشلت في منع اتساع هذه المجموعات وانتقالها إلى مناطق أخرى، وكذلك في سياسة الاحتواء التي أشرفت عليها جهات إقليمية خلال الأسابيع الأخيرة، وفي مقدمتها زيارة الوفود الأمريكية للمنطقة واللقاءات التي عقدت مع الاحتلال ومع قادة السلطة في سبيل إنهاء الانتفاضة في الضفة الغربية، واستمرار سياسة التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية والاحتلال الإسرائيلي.
الحاضنة الشعبية التي حازت عليها مجموعات عرين الأسود غير مسبوقة، بل إنها ظاهرة محدداتها وهي التي توفر لهم الحماية والمأوى والدعم على كل المستويات في سبيل احتضان هؤلاء الشبان، وتحولهم إلى عنوان للمقاومة خاصة بتلقائيتهم الثورية التي يتمتعون بها، وانصهارهم الحزبي تحت يافطة واحدة هي مقاومة الاحتلال بعيدًا عن انتمائهم الفصائلي، فهم يضمون عناصر من كتائب القسام وسرايا القدس وشهداء الأقصى وأبو علي مصطفى وغيرها من فصائل العمل المقاوم بالضفة الغربية، ويشتركون في التضحية والفداء، وهذا ما مثل حالة جذب للجمهور الفلسطيني الذي يدعم مشروع المقاومة وينبذ مشاريع التسوية أو محاولات وأد الانتفاضة.
هذا الدعم ينطلق من مبدأ مقاومة الاحتلال وردعه ومواجهته ووضع حد لجرائمه في الضفة الغربية، كما حدث في مجزرة نابلس الأخيرة وقبلها في جنين وأريحا، وأن هذا الدعم دلالة واضحة على أن مشروع المقاومة هو الذي تدعمه الحاضنة الشعبية، بل أنها تدعو لتثوير الضفة الغربية وإشعالها، وتهيئة الساحات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة والداخل المحتل في مواجهة الاحتلال، وخلق بيئة تساعد وتساهم في مواجهة الاحتلال ولو كان الثمن الذهاب إلى مواجهة جديدة على غرار معركة سيف القدس.