عبق العيد ونفحاته الإيمانية لا تزال قائمة في حي الشيخ جراح المقدسي، بيد أن هذه الأجواء لم تعشها عائلة شماسنة، التي تلقت "تحذير بالإخلاء" صبيحة اليوم الثاني لعيد الأضحى، 3 سبتمبر/ أيلول الحالي.
وتفاجأت عائلة شماسنة المقدسية التي تقيم في منزلها، منذ عام 1964م، (قبل الاحتلال الإسرائيلي للجزء الشرقي من مدينة القدس)، بعشرات جنود الاحتلال، والوحدات الخاصة المدججة بالسلاح، مقتحمين المنزل بطريقة همجية وعنيفة.
قانون20
ثمانية أفراد قوام عائلة الحاج أيوب شماسنة (82 عاما) وزوجته المسنة إضافة إلى نجله محمد وزوجته وأبنائه الذين من بينهم طفل، استيقظوا على صوت اقتحام منزلهم.
ووصف نجل الحاج، محمد شماسنة، ما حدث مع عائلته بأنه "جزء من إرهاب دولة، وضمن خططها لتهجير المقدسيين واقتلاعهم من أرضهم لتهويد المدينة وتفريغها من سكانها المقدسيين وفق قانون 20/20 الذي يقضي بعدم تجاوز عدد المقدسيين داخل المدينة المحتلة نسبة 25%".
وقال شماسنة لصحيفة "فلسطين": "علمنا أنه جرت جلسة محكمة في تمام الساعة 12 ليلاً تم فيها التراجع عن قرار التمديد والاقرار بضرورة الاخلاء الفوري للمنزل وهو ما حصل بعد مرور خمس ساعات من صدور قرار المحكمة التي لم نعلم عنها ولا عن قرارها إلا بعد التنفيذ".
ولضمان عدم مقاومة - عائلة شماسنة – لعملية الطرد والاخلاء التي تمت بالقوة، أخبرنا نجل العائلة، بأن شرطة الاحتلال قامت بفرض طوق أمني على حي الشيخ جراح الذي تقطن فيه العائلة ومنعت مرور المركبات والمارة والطواقم الطبية والصحفية، واختارت توقيت الفجر قبل أن يستيقظ أهالي الحي.
ويستطرد بأن قوات الاحتلال لم ترحم ضعف والده المسن أيوب شماسنة، فقامت بحمله وإلقائه على حافة الطريق.
ويتابع: "إن ما حصل مع عائلتي واقتحام هؤلاء المستوطنين منزلنا لا أنساه ولا يمكن لعقلي أن يستوعبه"، مؤكدا أن ما حصل خطير جدا وهو سابقة في تاريخ عمليات التهجير والإخلاء القسري للمقدسيين من منازلهم.
وأكد المقدسي شماسنة: "نحن جزء لا يتجزأ من الهم المقدسي الذي تسعى دولة الاحتلال بإرهابها وتطرفها إلى اقتلاعهم من منازلهم بحجة القانون20/20"، مناشداً السلطة الفلسطينية والحكومات العربية بتحمل مسؤولياتها تجاه العائلات المقدسية وإيجاد خطط بديلة للحفاظ على التواجد الفلسطيني داخل المدينة المقدسة.
يشار إلى أن 45 عائلة مقدسية في حي الشيخ جراح تواجه ذات مصير عائلة شماسنة، التي سبقتها قضية أم سامر الكرد التي تم طردها هي الأخرى من منزلها.
غياب فلسطيني
ومما يزيد الشجن أن عائلة شماسنة لا تزال على ناصية الطريق مع عفش منزلها، دون أن تلتفت لهم أي عين ودون أن تقدم لهم المساعدة وخاصة من قبل السلطة الفلسطينية.
وذكر شماسنة أن الجهة الوحيدة التي تقدمت لعائلته بالمساعدة هي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، والتي عرضت على العائلة في حال أرادت السكن بالإيجار يمكن أن تساعدها في مصروفات إيجار السكن.
وأشار نجل العائلة، إلى أن والده المسن وبالرغم من محنته الكبيرة إلا أنه لم يقبل بعرض، أونروا، وقال: "لا أريد الخروج من الحي هنا، ولدت وهنا سوف أبقى ما بقي في صدري قلب ينبض"، مشيراً إلى أن جميع طرق الاستئناف للحكم قد تم استنفادها وأن محكمة الاحتلال انحازت لصالح المستوطنين كالعادة.
الجدير بالذكر أن عائلة شماسنة تسكن المنزل منذ عام 1964 أي قبل الاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس بثلاثة أعوام، وفق عقد إيجار من الحكومة الأردنية التي سمحت للفلسطينيين في ذلك الوقت بالبناء والسكن في أراضي الأوقاف الإسلامية التي كانت تحت إشرافها.
وفي المقابل؛ فإن حكومة الاحتلال تزعم بموجب ما يسمى قانون "أملاك الغائبين" الإسرائيلي، أن هذه المنازل المهدد أصحابها بالطرد وتلك التي تم طرد أصحابها بالفعل تعود ليهود كانوا يسكنون حي الشيخ جراح قبل عام 1948، وبناء على أوراق "مزيفة" قضت على الفلسطينيين بحكم الإخلاء القسري.