ما إن رفض أحد الفتية المقدسيين خلع بنطاله بطلب من أحد جنود جيش الاحتلال المتمركزين عند حاجز مخيم شعفاط العسكري في القدس المحتلة، حتى قام بالاعتداء عليه بعنف شديد جعله يسقط أرضًا أمام أفراد عائلته.
لم يكتفِ الجندي الإسرائيلي بذلك بل اعتدى أيضًا على أفراد عائلة الشاب المقدسي، في مشهد وثّقه نشطاء ونشروه على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاقى انتشارًا واسعًا.
ولا يقتصر هذا المشهد على ذلك الشاب المُعتدَى عليه دون ذنب أو خطر شكّله على جنود جيش الاحتلال، بل إنّ الأمر يمتد ليطال من يحاول المرور عبر الحاجز العسكري الذي حوّله جيش الاحتلال إلى "معبر" حسب وصفه منذ ما يزيد على 10 سنوات.
حاجز إذلال
ويبدأ جنود ومجندات جيش الاحتلال انتهاكاتهم باعتراض المارين عند الحاجز، وإجبارهم على خلع ملابسهم أمام المئات، وتفريغ محتويات الحقائب المرفقة وانتهاك خصوصيتهم.
ومن السهل جدًّا على جنود الاحتلال الاعتداء على أيّ شخص لا يمتثل لأوامرهم وإهانته أو اعتقاله أو حتى إطلاق نيران أسلحتهم صوبه.
اقرأ أيضًا: تفاصيل إعلان العصيان المدني في شعفاط وعناتا بالقدس المحتلة
وهذا ما يخشاه المقدسي ندال جولاني من سكان مخيم شعفاط، ويعمل سائق شاحنة ويضطر للتنقل يوميًّا من خلال الحاجز.
وقال جولاني لصحيفة "فلسطين": إنّ جنود الاحتلال لا يترددون وليس لديهم أدنى مشكلة في إهانة المواطنين، ومن يرفض الاستجابة لمطالبهم وخلع ملابسه أمام الجميع، من السهل جدًّا ضربه واعتقاله.
وبيَّن أنّ تحكُّم جنود الاحتلال بمرور المواطنين عبر الحاجز يستغرق ساعات، ويتسبب بتأخير تنقلهم ووصولهم إلى مصالحهم وأعمالهم.
وأشار إلى أنّ انتقاله من مخيم شعفاط إلى قرية العيسوية، وبيت حنينا، وغيرها من قرى وأحياء القدس القريبة على منزله، لا يستغرق بضع دقائق، لكن بعد إنشاء الحاجز وتحويله إلى "معبر" أصبح الأمر صعبًا ويستغرق أكثر من ذلك بكثير، وقد يتجاوز في بعض الأحيان ساعة كاملة.
وعبّر جولاني عن رفضه الشديد لانتهاكات الاحتلال بحقّ أهالي القدس، وخاصة عمليات التحكم بمرورهم عبر الحواجز العسكرية ضمن الحالة الأمنية التي يُحاول فرضها بزعم الحفاظ على أمن جنوده ومستوطنيه.
دفاع مقدس
كما أدان مساعي الاحتلال للتضييق على أهالي القدس وفتح مجالات الحركة بحرية كاملة للمستوطنين اليهود، الذين يزداد عددهم بمرور الأيام بفعل عمليات التهويد والتهجير التي لا تتوقف حكومة المستوطنين الفاشية برئاسة بنيامين نتنياهو، عن توفير الظروف المناسبة لها.
وأضاف جولاني: إنّ ما يقوم به الاحتلال من انتهاكات في شعفاط وغيرها من القرى والبلدات، يجعلنا أكثر إصرارًا على الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى.
وفي أيّ لحظة ممكن أن تلجأ قوات الاحتلال إلى إغلاق حاجز شعفاط في وجه المارّين، وتتسبب باحتجازهم ساعات.
وهذا ما يخشاه الصحفي والناشط حسن علقم الذي يضطر للخروج من مخيم شعفاط يوميًّا للتوجه إلى مدينة القدس والالتحاق بعمله.
ويضطر علقم أحيانًا للانتظار أكثر من ساعة للخروج من المكان المخصص لتفتيش المركبات في الحاجز العسكري الذي يشتمل على بناءٍ أسماه جيش الاحتلال "مركز الخدمات المدمجة" ويضم مقرًّا لشرطة الاحتلال ومكاتب لوزارات في حكومة الاحتلال وكذلك بلديتها في القدس.
وعادةً ما يُصعّد جنود الاحتلال من عمليات التشديد والتفتيش عند الحاجز العسكري بزعم تنفيذ شبان وفتية فلسطينيين عمليات فدائية ضد الجنود والمستوطنين في القدس المحتلة، كما حصل الأحد الماضي، حيث زعم جيش الاحتلال أنّ أحد جنوده قتل زميله بالرصاص خلال محاولة شابٍّ تنفيذ عملية طعن عند حاجز شعفاط.
اقرأ أيضًا: أهالي شعفاط: لن ندفع ثمن سياسة "بن غفير" وإضرابنا غدًا رسالة تحذير للاحتلال
وتتزامن عمليات الإهانة والإذلال عند حاجز شعفاط مع توجُّه حكومة المستوطنين، للتصعيد في القدس والقيام بمزيد من عمليات التهويد والهدم وإحلال المستوطنين بدلًا من السكان الأصليين، تنفيذًا لمطامع وتطلُّعات وزير "الأمن القومي" في حكومة المستوطنين إيتمار بن غفير.
إهانة الفلسطيني
بدوره، قال مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد حموري: إنّ سياسات الاحتلال وانتهاكاته مستمرة ولا تتوقف عند الحواجز العنصرية المنتشرة في الضفة الغربية بما فيها القدس، وهي لا علاقة لها بفرض السيطرة الأمنية بقدر ما ترتبط بإصرار الاحتلال على إهانة الإنسان الفلسطيني.
وأضاف حموري لصحيفة "فلسطين": إنّ طريقة تعامل الاحتلال مع المارّين عبر الحواجز العسكرية، تحمل الكثير من الإهانة للمواطن الفلسطيني سواء كان عاملًا أو طالبًا أو غيره.
وبيّن أنّ سلطات الاحتلال تهدف إلى إشعار المواطن الفلسطيني أنّ هذه الأرض والبلد ليست له، ويتكرر ذلك في جميع أحياء وقرى القدس، وكذلك في الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948.
ولفت إلى أنّ ما يقوم به الاحتلال لن يردع الفلسطينيين عن السعي والمطالبة بحقوقهم المشروعة التي يتنكّر لها الاحتلال، عادًّا أنّ هبّة أهالي القدس على وجه الخصوص هدفها الحفاظ على الوجود الفلسطيني في بيت المقدس.