يواصل وزير الفوضى الوطنية (إيتمار بن غفير) كما وصفته بعض وسائل الإعلام العبرية، خطواته التصعيدية التي من شأنها أن تسخن الأوضاع، وتنقلها إلى مستويات خطيرة من التصعيد، وذلك بعد قراراته الأخيرة التي تركزت في استهداف كلًا من؛ القدس والأقصى، والأسرى، وجاءت بدوافع انتقامية، دون أدنى مراعاة لخطورة هذه القرارات أو تداعياتها على أمن الاحتلال، على الرغم من التحذيرات التي وصلته من جهات ومستويات مختلفة داخل كيان الاحتلال، ومن جهات دولية منها (أممية وأمريكية)، والتي ترى بأن بن غفير ذاهب إلى أبعد مدى دون تراجع، مستغلًا الظرف الحكومي الحالي، وعدم قدرة رئيس وزراء الاحتلال على كبح جماحه ولجمه عن حالة السعار التي أصابته، خشية من انهيار الحكومة.
كان أبرز هذه التحذيرات ما أفصحت عنه ما تسمى "سلطة السجون الإسرائيلية"، والتي أبدت مخاوفها من القرارات والتوجيهات التي أصدرها وزير الفوضى الوطنية العنصري المتطرف (إيتمار بن غفير)، ضد الأسرى الفلسطينيين، والتي شملت وقف الخبيز في أقسام السجون، وتحديد مدة الاستحمام لتكون أربع دقائق، والنقل، والعزل، ومصادرة الممتلكات الخاصة، والتضييق على الأسيرات، وفرض القيود على الزيارات، وغيرها من القرارات الانتقامية بحق الأسرى، كون هذه الخطوات يمكن أن تؤدي إلى حالة من الغضب الشديد داخل السجون، وتخلق فوضى عارمة، وقد وصفه ضباط كبار في سلطة السجون بأنه "عديم المسؤولية ويقود السجون والدولة للفوضى" وفق ما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"،
وفي إطار هذه المخاوف رُفعت حالة الاستنفار في السجون إلى درجة واحدة قبل الدرجة العليا.
وتأتي هذه المخاوف مع الخشية من أن يتعرض الجنود لهجمات ينفذها الأسرى في أعقاب سياسة التضييق التي يمارسها بن غفير، وهذا بدوره سيجعل السجون أكثر توترًا وتفجرًا من أي وقت مضى، إذ قال ضابط كبير في سلطة السجون: إن الشعور الحالي في السجون يشير إلى أننا نعيش (قبيل الانفجار)، مع ارتفاع وتيرة الإنذارات الساخنة عن عزم الأسرى تنفيذ عمليات في السجون، سواء كانت عمليات طعن للسجانين أو محاولة اختطاف سجان والتحصن داخل زنزانة أو قسم وتعريض حياته للخطر، وهذا ما يفسر الخلافات الشديدة بين بن غفير ومفوضة السجون (كيتي بيري) والتي تعترض على سياسات بن غفير، إذ إن الأخير
يعمد إلى استهداف الأسرى بجنون، ساخرًا من الوضع الحالي في السجون بقوله: "مخربون يديرون السجون! حان الوقت لوضع نهاية للمخيمات الصيفية".
ليس هذا فحسب فقد ذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية "كان 11"، أن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومفتش عام الشرطة، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، طالبوا رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" بالضغط على إيتمار بن غفير؛ كي يوقف حملته الأمنية التي أطلقها في مدينة القدس المحتلة، وذلك خوفًا من حدوث تصعيد أمني واسع في الضفة والقدس المحتلتين، وأضافت أنه وفي أعقاب ذلك طلب نتنياهو من سكرتيره العسكري، (آفي غيل)، التوجه إلى بن غفير، ومحاولة إقناعه بضرورة وقف التصعيد في القدس.
لكن حتى الآن وكما يبدو أن بن غفير لن يتراجع على الرغم من الضغوط الخارجية والداخلية التي تمارس عليه، وسيمضي في تنفيذ رؤيته الخاصة، وسيحاول فرض واقع مختلف في القدس والأقصى وفي السجون، الأمر الذي سيكون له عواقب خطيرة لن تكون حدود تأثيرها في القدس وداخل السجون، وسيجر الأمر إلى تصعيد خطير للغاية في الأراضي الفلسطينية، وربما يجعلنا على أبواب انفجار كبير وغير مسبوق، لأن الاعتداء على القدس والأقصى والأسرى خطوط حمراء لا يمكن احتمالها أو السكوت عنها، وبالتالي: فإن الانفجار قادم ونحن أقرب إليه من أي وقت مضى، والمقاومة الفلسطينية ستكون قادرة على فرض معادلة مختلفة وغير مسبوقة في مواجهة العدو، وحكومة الاحتلال لن تصمد طويلًا، ويمكن أن تنهار في وقت قياسي، حينها سيجد بن غفير نفسه غارقًا في نيران مشتعلة في جميع المناطق، ولن يكون قادرًا على فعل شيء سوى الهروب من الحكومة، يجر أذيال العار والفشل.