فلسطين أون لاين

تقرير "بطن الهوى".. جار الأقصى الجنوبي يتهدده الاستيطان

...
القدس المحتلة – غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

لا يعرف أهالي حي "بطن الهوى" في القدس المحتلة الراحة منذ عقود، مع سعي الاحتلال الإسرائيلي لطردهم من بيوتهم، والاستيلاء على الأراضي لمصلحة المستوطنين، فهم لا يتركون وسيلة إلا ويسلكونها في إزعاجهم ودفعهم للهجرة القسرية، في صراع مرير على البقاء.

عائلة أبو رموز المقدسية هي إحدى العائلات التي تسكن هذا الحي، إذ تسلمت من سلطات الاحتلال عام 2020م قراراً بإخلاء منزلها مدعية أنها حاولت تسليمهم قرار الإخلاء في 2005م لكنهم طردوا قواتها من بيتهم ولم يستلموه!

ورغم أن سلطات الاحتلال تريد إخلاء الحي بالكامل إلا أنها خصصت لكل مقدسي ملفا مختلفا في محاكمها، بغرض التشتيت والتعامل مع كل حالة على حدة، مشيرًا إلى أن التأجيل والتسويف هما الأسلوب الأبرز في تعامل الاحتلال مع تلك الملفات، وفق ما تبين سعاد أبو رموز.

وتتابع: "كلما وصلنا لمرحلة الفصل وإصدار الحكم أعادنا الاحتلال لنقطة الصفر، يراهنون على نفاد صبرنا وهجرنا لبيوتنا، فقد كانت لنا محكمة في شهر يونيو الماضي، فوجئنا بتأجيلها لنوفمبر الماضي".

وتضيف أن العائلة اشترت المنزل منذ عام 1963م ولا تشعر بالاستقرار في ظل محاولات الاحتلال لتهجيرها منه، "كل شيء متوقع منهم فهم مستوطنون، يعتمدون في حياتهم على الاستيلاء على أراضي الآخرين وهذا هو مصدر القلق".

وما يزيد صلف المستوطنين –في رأي أبو رموز- هو حماية جيش الاحتلال لهم، ما مكنهم من الاستيلاء على عدة بيوت تمثل "مصدر قلق" لأهل الحي، فهم لا يتحركون سوى بحماية الجيش، ويعتدون على الأطفال في أثناء لعبهم في الشارع، وبدلاً من ردعهم يأتي جيش الاحتلال لمساندتهم ويطلق باتجاه سكان الحي قنابل الصوت والغاز، ولا يتورع عن إطلاق الغاز في ساعة متأخرة من الليل.

وتمضي أبو رموز إلى القول: "قبل مدة بسيطة أطلقوا الغاز بشكل جنوني وحدثت حالات اختناق كثيرة، وتجلت عنصريتهم في عدم استجابة "نجمة داود الحمراء" لمناشدات الأهالي لإخلاء المصابين، بل منعت إسعافات الهلال الأحمر الفلسطيني من ذلك".

ولا تقتصر محاولات طرد أهالي "بطن الهوى" على المضايقات بل لجأ الاحتلال أيضاً للإغراءات فعرض عليهم مبالغ مالية كبيرة و"شيكات مفتوحة" أو بيوت في أماكن أخرى مقابل ترك بيوتهم.

تستدرك أبو رموز قائلة: "لكننا متمسكون ببيوتنا القديمة المهلهلة ولن نساوم عليها، أو نتركها مهما فعلوا ورغم يقيننا بأن قضاة الاحتلال لن يحكموا لصالحنا".

طوق حول الأقصى

ولكن ما حكاية هذا الحي؟ يبين المختص بشؤون القدس فخري أبو دياب، أن بطن الهوى جزء من الحارة الوسطى في بلدة سلوان في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى وهو ملاصق لحي البستان المستهدف بالتهجير أيضاً.

ويضيف لـ"فلسطين": "سُمي ببطن الهوا (رغم أن الشائع كتابتها بـالهوى) كونه مكانا مرتفعا يتميز بالهواء العليل، وهو يمتد على مساحة 5200 متر مربع يحتوي على أكثر من 80 منزلا ويعد من أكثر الأحياء المقدسية اكتظاظاً بالسكان".

ويشير إلى أن الجمعيات الاستيطانية تحاول الاستيلاء على منازله لتوسيع البؤر الاستيطانية القريبة منه، "وقد منحت محاكم الاحتلال الأحقية في الأرض للمستوطنين مستندة إلى أن بعضهم كان يأتي للمكان في الفترة بين عامي 1882 و1886 لأداء طقوس تلمودية بإذن من الوالي العثماني".

ورغم أن العثمانيين كانوا يشترطون على اليهود الذين كان أغلبهم من اليمن ألا يقيموا بالقدس أكثر من ستة أشهر وألا يدخلوا البلدة القديمة فيها وفقاً لشروط "العهدة العمرية" التي صدرت عام 16 هجرية ما يعني أنهم لم يتملكوا الأرض، إلا أنهم يتذرعون بتلك الحجة للاستيلاء على الأرض.

ويؤكد أن المستوطنين لا يملكون أي وثائق تثبت ملكيتهم للأرض، التي يسكنها مقدسيون أغلبهم تم تهجيرهم من غرب القدس بعد احتلال اليهود لها، مبيناً أن الاحتلال يريد إقامة مركز ثقافي ومتحف بدلاً من منازل أهل الحي للترويج لرواياته التاريخية الزائفة.

وزاد بالقول: "أهل الحي يخوضون صراعاً مريراً في محاكم الاحتلال الذي يماطل في إصدار الأحكام في انتظار فرصة مواتية سياسياً للانقضاض على بيوته".

ويلفت إلى أن الاحتلال يهدف في المدى البعيد لإقامة مستوطنة في الحي وربطها بالمستوطنة المقامة في رأس العامود، وحي البستان المهدد بالمصادرة أيضاً، ووادي حلوة الذي يجري الاستيطان فيه فوق وتحت الأرض على قدم وساق لإحكام الطوق حول الأقصى من الناحية الجنوبية والجنوبية الشرقية. 

المصدر / فلسطين أون لاين