قائمة الموقع

الجدُر الإسمنتية.. معاول إسرائيلية تقوِّض أركان البيئة الفلسطينية

2023-02-05T09:37:00+02:00
الجدُر الإسمنتية.. معاول إسرائيلية تقوِّض أركان البيئة الفلسطينية

تسببت الجُدر الخرسانية الإسرائيلية المشيَّدة في الضفة الغربية وحول قطاع غزة، في تشويه البيئة الفلسطينية، بعد أن قلَّصت مساحات واسعة من الغطاء النباتي، وقوضت أركان الثروة الحيوانية، وحبست إمدادات المياه اللازمة لاستخدامات الفلسطينيين.

هذه السلوكيات الاستعمارية أسهمت، من وجهة نظر خبراء بيئيين، في قتل البيئة بالمناطق الحدودية لقطاع غزة، التي تعد سلة غذائية مهمة للسكان.

فالاحتلال الإسرائيلي يحظر على المزارعين الوصول إلى المناطق المجاورة للجدار الإسمنتي الحدودي، أو حتى الاقتراب من مسافات قريبة، وإن سمح فإنه يدمر المزروعات تحت أي ظرف بدواعٍ أمنية واهية، ما يحمِّل المزارعين خسائر فادحة. كما أنه يمنع المزروعات التي يزيد ارتفاعها على متر تقريبًا بدواعي إعاقته الرقابة.

قطع التواصل الطبيعي

ويقول الخبير الزراعي المهندس نزار الوحيدي: إن الجدار الإسمنتي منع التواصل الطبيعي بين الكائنات الحية البرية التي تعيش على جانبي الجدار، ومن ثم تسبب في افتقار المنطقة الحدودية لقطاع غزة من الحياة البرية.

ويضيف الوحيدي لصحيفة "فلسطين"، أن الجدار منع انسياب مياه الأمطار القادمة من المنطقة الشرقية تجاه غرب ووسط قطاع غزة، ما أسهم في تراجع تغذية الخزان الجوفي من المياه الذي يعاني اليوم ارتفاع معدلات الملوحة والنيرات.

وبسبب هيمنتها على المنطقة الحدودية الزراعية، تحرم سلطات الاحتلال قطاع غزة (25%) من نسبة إنتاجه الزراعي، وتفوت على المربين الاستفادة من المراعي الطبيعية وخاصة تربية الأغنام وإقامة خلايا النحل، كما يقول الوحيدي.

وينبه إلى أن ذلك أسهم في رفع معدل البطالة في أوساط طبقة المزارعين في غزة بنحو (20%).

ويدعو الخبير الزراعي إلى مخاطبة المجتمع الدولي بشأن خطورة ما تتعرض له البيئة الزراعية والحيوانية في المنطقة الحدودية لقطاع غزة، ومخاطبة مؤسسات حقوقية وأخرى معنية بالدفاع عن البيئة.

تأثيرات سلبية

وفي الضفة الغربية، يقطع الجدار الفاصل الذي مر على تشييده 20 عاماً، أوصال المحافظات الفلسطينية، ويعزل القرى الزراعية عن بعضها بعضًا، ما دفع بمزارعين ومربين إلى العزوف عن أنشطتهم.

ويقول المدير العام للإغاثة الزراعية منجد أبو جيش: "أحدث الجدار تأثيرات سلبية كبيرة في العناصر البيئية في الضفة الغربية، تمثلت في إزالة الغطاء النباتي، وهدم آبار المياه والينابيع، وتشريد الحيوانات والطيور، إلى جانب تجريف دونمات زراعية وتفتيت العناصر الرئيسة للتربة".

ويضيف أبو جيش لصحيفة "فلسطين"، أن الجدار الخرساني المزود بأجهزة استشعار وأسلاك شائكة كهربائية، تسبب في نفوق كائنات حية حاولت اجتيازه، ويحول دون تنقل حيوانات برية كالغزلان والضباع والخنازير من مكان لآخر.

ويوصي بتدعيم المزارعين والمربين لتعزيز صمودهم في المناطق التي أسهم الجدار في تفتيتها وتشريد حيواناتها البرية.

ويمر 85% من مسار الجدار العازل داخل الضفة الغربية، ويضم 9.4% من الضفة، بما في ذلك شرقي القدس ووادي اللطرون.

وطول الجدار المخطط له هو 712 كيلومترًا، وهو يمثل ضِعف طول حدود عام 1967 أي (323 كيلومترًا)، وأقيم منه نحو 600 كيلومتر على أراضي شمال الضفة الغربية لجنوبها.

ويتخذ الجدار الذي شرعت سلطات الاحتلال في بنائه عام 2002، شكل "الأفعى المتعرجة"، وهو يقضم الكم الأكبر من الأرض.

ويمتد بين مساحات تضيق إلى 60 مترًا وتتسع إلى 150 مترًا في محيطه من الجانبين، وبارتفاع يصل إلى 9 أمتار من الإسمنت. على حين يتخذ في بعض المناطق شكل السياج الإلكتروني الشائك الذي يجري الاستغناء عنه بالبناء الإسمنتي لاحقًا.

ويعزل الجدار 190 قرية وبلدة وتجمعًا سكانيًّا بينها 40 تجمعًا معزولة بالكامل، وتقدَّر مساحة ما عزلته سلطات الاحتلال وتخطط لعزله وضمه عبر الجدار بـ560 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية.

نفايات خطيرة

ويؤكد المختص في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى، أن سلطات الاحتلال شوهت البيئة الفلسطينية بسبب الجدار والمستوطنات، إذ تغض الطرف عمَّا يلقيه المستوطنون من مخلفات مصانعهم العضوية والسامة تجاه أراضي الفلسطينيين، إلى جانب تصريف المياه العادمة بصورة عشوائية تلحق الضرر بالبيئة الزراعية الفلسطينية.

ويقول موسى لصحيفة "فلسطين": إن الأحياء والقرى السكانية الفلسطينية الواقعة بالقرب من الجدار والمستوطنات تتعرض لغازات سامة منبعثة من المصانع المقامة على أراضي المواطنين في الضفة الغربية أو القريبة منها.

ويشير إلى أن خطورة هذه النفايات لا تقتصر على البيئة وحسب، بل على صحة الإنسان، إذ إن معدل الإصابة بأمراض السرطان والأمراض الجلدية في المناطق القريبة من تلك المصانع ومكبات النفايات الإسرائيلية مرتفعة.

اخبار ذات صلة