قال مراقبون اقتصاديون: إنّ تسجيل فلسطين أكبر عجز تجاري في تاريخها، يظهر الحاجة الماسة إلى سياسة حمائية للإنتاج الوطني، وتفعيل القوانين والتشريعات المشجعة لتوسيع الاستثمار، وإنشاء صندوق لدعم التجارة.
ودعا المراقبون إلى وضع حد لغزو المنتجات الإسرائيلية للسوق الفلسطينية، خاصة بضائع المستوطنات، مؤكدين أنّ دعم الصناعة يزيد معدلات الناتج المحلي ويخفض مؤشرات الفقر والبطالة.
وحسب بيانات جهاز الإحصاء، سجّلت التجارة الخارجية الفلسطينية في الشهور الأحد عشر الأولى من العام الماضي 2022، أكبر عجز تجاري في تاريخها، ومتفوقة على إجمالي العجز المسجل في كامل 2021.
وبلغ عجز الميزان التجاري الفلسطيني خلال أول 11 شهرًا من 2022، نحو 6.041 مليارات دولار، صعودًا من عجز بلغ 4.48 مليارات دولار في الفترة المقابلة من عام 2021.
ولم يسبق لفلسطين أن سجلت هذا الرقم من عجز الميزان التجاري، منذ البدء بإحصاءات التجارة الخارجية عام 1994.
وقال مدير مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" بغزة، محمد سكيك: إنّ الإنتاج المحلي أثبت قدرته على تغطية الاحتياج المحلي من السلع والوصول إلى الأسواق الخارجية، بفضل التطوير الدائم الذي يقوم به المُصنّعون على الرغم من حجم المعوقات التي تواجههم.
وأضاف سكيك لصحيفة "فلسطين" أنه ينبغي أن تتكاثف كلّ الجهود لمساعدة المنتجين على الاستمرار في الصعود، وأن تفتح لهم آفاق التعاون التجاري مع الدول العربية والأجنبية.
ونبّه سكيك إلى الدور الهام الذي يجب أن تؤدّيه السفارات والقنصليات الفلسطينية حول العالم في فتح آفاق جيدة للتسويق، ومساعدة المنتجين على الوصول إلى أسواق إضافية.
وأكد سكيك أهمية إنشاء صندوق لدعم الصادرات ليكون نافذة مالية لمساعدة المصدرين الجدد في الحصول على منح لتقوية نشاطهم.
من جانبه أكد المدير العام لغرفة تجارة وصناعة غزة د.ماهر الطباع على أنّ هيمنة سلطات الاحتلال على المعابر يحول دون تمكين المنتج الفلسطيني من تصدير منتجاته أو تطويرها بالصورة التي يتطلع لها.
وقال الطباع لصحيفة "فلسطين": إنّ سلطات الاحتلال تضع قيودًا وعراقيل أمام إدخال احتياج الصناعة من مواد خام وآليات صناعية".
وأضاف: "أنّ تلك العقبات، تجعل المنتج المحلي غير قادر على تلبية احتياج السوق المحلي، فتصبح الكفة راجحة للمنتجات المستوردة".
من جهته أوضح الاختصاصي الاقتصادي د.هيثم دراغمة أنّ أكثر من 68% من احتياجات فلسطين من السلع تأتي من السوق الإسرائيلية، بسبب هيمنة سلطات الاحتلال على المعابر والموارد، وأنّ اتفاق باريس كبّل الاقتصاد الفلسطيني.
وأضاف دراغمة لصحيفة "فلسطين" أنّ سلطات الاحتلال إن سمحت للفلسطينيين بالتبادل التجاري مع الخارج فإنها تربط ذلك بالدول التي تقيم مع تل أبيب علاقات جديدة ودون ذلك لا تسمح ما حرم ذلك الفلسطينيين من التواصل تجاريًّا مع العمق العربي.
واتفاقية باريس هي الاسم الدارج للبروتوكول الاقتصادي الملحق باتفاقية أوسلو، ووقّعتها السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال في باريس في 29 أبريل/نيسان 1994.
وتتكون الاتفاقية من 82 بندًا بهدف تنظيم العلاقات الاقتصادية عبر "اللجنة الاقتصادية المشتركة" بين الطرفين خلال 5 سنوات هي عمر المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو التي انتهت فعليًّا عام 1999، غير أنّ هذه اللجنة لم تجتمع سوى مرات قليلة، قبل أن تُجمّدها دولة الاحتلال كليًّا عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000.