فلسطين أون لاين

تقرير فتياتٌ من ذوي الإعاقة السمعية يجدن في تعلم التطريز "متنفسًا لهن"

...
فتياتٌ من ذوي الإعاقة السمعية يجدن في تعلم التطريز "متنفسًا لهن"
خان يونس/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

لم تقف إعاقتهن السمعية حائلًا أمام تحقيق حلمهن بتعلُّم أساسيات التطريز الفلسطيني وإنتاج مشغولات رائعة منه أبرزن فيها الإبداع الكامن لديهن، والذي ينتظرن من المعنيين بذوي الإعاقة الاهتمام به، ومنحهن الفرصة لتعلم المشغولات اليدوية ليشغل بها أوقاتهن وفي الوقت نفسه يحصلن على دخلٍ مادي يلبي احتياجاتهن.

ففي مركز وطن الشبابي بمدينة خان يونس جلست مجموعة من الفتيات من ذوات الإعاقة السمعية إلى طاولة التدريب شهرًا ونصفًا، تعلمن فيها أساسيات هذا الفن، وأشبعن رغباتهن بإنتاج مشغولات طالما تمنين أن تُتاح الفرصة لهن بتعلمها كغيرهن من الفتيات.

فرصة للانخراط بالمجتمع

المتدربة آية العثامنة "29 عامًا" بيّنت أنها كانت تقضي أوقاتًا طويلة في منزلها تشعر خلالها بالملل، وتشاهد عبر الهاتف النقال فيديوهات عن فن التطريز، وتقول: "أحببتُ هذا الفن، وبمجرد سماعي بوجود دورة فيه لأمثالي من ذوات الإعاقة السمعية لم أتردد أبدًا بالتسجيل".

وتضيف: "زادت الدورة من حبي لهذا الفن، واستطعتُ تفريغ ما بداخلي من طاقة في القطع التي أنتجتها"، مشيرة إلى أنها تريد تحقيق هدفين من خلال تعلمها هذا الفن وهو تحقيق دخل مادي لها ولأسرتها ونشر التراث الفلسطيني الجميل.

وفي حين وجدت المتدربة سلوى الطباسي في الدورة فرصة لتعزيز مهاراتها في التطريز الفلسطيني الذي كان لديها إلمام بأساسياته، "كنتُ أشعر بالملل، فأنا لا أخرج كثيرًا؛ لأني لا أجد من أتفاهم معه في المجتمع المحيط، وبمجرد معرفتي بالدورة سارعتُ لإخبار صديقاتي ممن يعانين الإعاقة نفسها وسجلنا فيها معًا".

وقد زادت الدورة من خبرة الطباسي، وهيأت لها إنتاج مشغولات يمكن من خلالها إلقاء الضوء على معاناة هذه الفئة المهمشة ولفت نظر المجتمع لها، معبّرة عن أملها في أن تتجه المؤسسات المحلية لتبني مواهب هذه الفئة وتسويق منتجاتهم بما يمكنهم من تحقيق عائد مالي لهم ولعائلاتهم.

تحديات

المدربة أنسام أبو حطب والتي اتجهت للتدريب على التطريز بعد أنْ أسست مشروعها الخاص "مطرزات نيو ستايل" وأصبح لديها اسم معروف في عالم المطرزات، اعتقدت في البداية أن تدريب فتيات من ذوي الإعاقة السمعية على التطريز سيكون أمرًا صعبًا.

تقول: "مارستُ التدريب مرارًا لكن عندما طلب مني التدريب لفتيات ذوات إعاقة خشيتُ أن يكون الأمر صعبًا، فقد كان الأمر تحديًا بالنسبة لي، فلم أكنْ قد تعاملتُ في حياتي سابقًا مع ذوي إعاقة سمعية".

قبلت أبو حطب المهمة، وبدأت بدورة تدريبية لأحد المراكز لفتيات ذوات إعاقة سمعية بصحبة مدربة للغة الإشارة، التي كانت تبسط لهن الأمور، وتعلمت منها أبو حطب بعض الأساسيات كأيام الأسبوع والألوان.

شيئًا فشيئًا وجدت أبو حطب أن تدريب هذه الفئة على التطريز بالذات ليس بالأمر الصعب أبدًا، كونه عملًا يعتمد على أشياء ملموسة ما يجعل الشرح واضحًا وبسيطًا، فلم تواجه أي صعوبات في توصيل الفكرة.

وتبين أن الرغبة الشديدة لهذه الفئة في التعلم وتوصيل مواهبهم للآخرين جعلت المهمة أكثر بساطة، ما جعلها تقبل بإقامة دورة تدريبية ثانية في "مركز وطن الشبابي" لعدد أكبر من ذوات الإعاقة السمعية ودون وجود لمدربة لغة الإشارة.

اعتمدت أبو حطب في تدريبها على تعزيز ثقة المتدربات بأنفسهن وتشجيعهن على توصيل صوتهن للمجتمع المحلي، تقول: "تميزت المتدربات بسرعة التعلم والحس الإبداعي المميز، وتركتُ لهن حرية اختيار الألوان وأن يصممن القطع وفق ذوقهن الشخصي.

فكانت المنتجات، وفق أبو حطب رائعة "فقد أنتجت المتدربات معلقات وخرائط فلسطين وميداليات واكسسوارات، خلال الدورة التي استمرت شهرًا ونصف الشهر أتقنت خلالها المتدربات "نقلات" التطريز".