فلسطين أون لاين

قرب تحقق سيناريوهات اختطاف الأقصى…فماذا نحن فاعلون؟

...
خالد أبو الخير 

لا يجب النظر إلى الاقتحامات الصهيونية الأخيرة للمسجد الأقصى المبارك، وعدّها حدثًا عابرًا، فالواقع أن هذه الاقتحامات تُنفذ بين الحين والآخر على عقود ، بهدف تحقيق هدف واضح وجلي، حددته الصهيونية العالمية وتعمل على تحقيقه تدريجيًا، بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى أو هدمه  أو تأميمه وإنشاء الهيكل المزعوم.

وتجد الصهيونية، وأدواتها من  غُلاة المتدينين اليهود، الفرصة سانحة لتحقيق هذا الجنون، نظرًا لحالتي التردي والتشظي العربيتين في أعقاب التغييرات الجيوسياسية التي طرأت على المنطقة منذ 20 عامًا، وافتقاد العرب إلى القوة الرادعة في مواجهة كيان نشأ أصلًا على اغتصاب الأرض استنادًا إلى  أكاذيب دينية باعتراف مؤرخين يهود.

وليس تأكيد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يوم الأربعاء، أنه سيواصل اقتحاماته للمسجد الأقصى، بالرغم من أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تعهد للملك عبد الله الثاني بالحفاظ على الوضع الموجود في المسجد الأقصى بالقدس المحتلة.

الأحداث الأخيرة أكدت أن (إسرائيل) الرسمية منخرطة حتى النخاع مع اليمين المتطرف في سياسة محاولة تهويد المسجد الأقصى، واختطافه وربما هدمه لإنشاء الهيكل المزعوم، وهذه الحقيقة كانت على الدوام ماثلة للعيان على الرغم من كل الادعاءات التي تدعي العقلانية في التفريق بين الحكومة ويمين الكيان الصهيوني المتطرف، لكون أن كليهما على طرفي نقيض وبينهما اختلاف مصالح.

وما دام الهدف معروفًا، بل إن سيناريوهات تحقيقه باتت معروفة أيضًا، وما الحفريات الأثرية تحت المسجد الأقصى وحوله، والأنفاق التي أقيمت،  ما هي إلا خطوة في هذا الاتجاه بهدف زعزعة أساساته، خصوصًا وأن هذه الحفريات لم تعثر على أدنى أثر، يدل على الهيكل المزعوم، بل وعلى الوجود اليهودي في القدس.

أما كيفية التنفيذ، فهناك من الحركات الدينية من تريد عزو هدم المسجد إلى كارثة طبيعية من قبيل حركة حي وموجود "حي فيكيام"، التي اقترحت إحداث زلزال صناعي والادّعاء بأن زلزالاً طبيعيًا ضرب المنطقة، وأن المسجد انهار نتيجة لذلك، في حين دعت حركات يمينية متطرفة إلى قصف المسجد بالصواريخ أو الطائرات والادعاء بأن معتوهًا نفَّذ ذلك .

وبالنسبة لسيناريوهات إنشاء الهيكل، مع إبقاء أو إلغاء المسجد الأقصى، فمنها إحداث تقسيم زماني ومكاني للمسجد بين المسلمين واليهود، كما هو الحال في الحرم الإبراهيمي، بواقع إفراغ المسجد الأقصى من المسلمين يوميًا من الساعة 07:30 حتى 11:00 صباحًا، وفي مدة الظهيرة من الساعة 1:30 حتى 2:30، وفي المدة الثالثة بعد العصر، لتكون هذه الأوقات مخصصة لليهود فقط ، إضافة إلى "تخصيص المسجد الأقصى لليهود في أعيادهم التي تصل إلى 100 يوم، إضافة إلى جميع أيام السبت، وبذلك يصل عدد الأيام المخصصة لليهود قرابة 150 يومًا"، وفق خطة أعدتها حكومة إسرائيلية سابقة".

 وما الاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى إلا محاولة لفرض التقسيم الزماني والمكاني بقوة الأمر الواقع.

 ومن هذه السيناريوهات أيضًا  بناء عشرة أعمدة بعدد "الوصايا العشر" بحيث تكون على ارتفاع ساحة المسجد الأقصى حاليًا ومن ثم يُقام عليها الهيكل الثالث المزعوم، ونظرية أخرى تقترح اقامة الهيكل المزعوم قرب الحائط الغربي من المسجد الأقصى عموديًا، بحيث يصبح الهيكل أعلى من المسجد ويربط تلقائيًا مع ساحته من الداخل، إضافة إلى نظرية  تدعو إلى  حفر مقطع التفافي حول مسجد قبة الصخرة بعمق كبير جدًا، ونقل المسجد الأقصى كما هو إلى خارج القدس، وإنشاء الهيكل المزعوم.

مرة أخرى يجد العرب والمسلمون والفلسطينيون أنفسهم في خضم الدفاع عن حقهم في وجه هذه الهجمة الشرسة التي تستهدف مسجدهم ومسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم، ويتعين عليهم أن يكونوا بقدر التحدي، بعد أن لم يعد لبيانات الشجب والاستنكار معنى أو أثر.

المصدر / السبيل الأردنية