فلسطين أون لاين

حروب الطوائف في المجتمع الاستيطاني

أفادت مصادر إخبارية بتقديم حزب "الليكود" الفاشي شكوى قضائية ضد متظاهرة يسارية، ادعى أنها حرضت على اغتيال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وشبهته بهتلر.

جاء ذلك على خلفية التظاهرة التي شارك فيها أكثر من 100 ألف من المحتجين على حكومة نتنياهو الفاشية العنصرية، ومشروع قانون وزير القضاء ياريف ليفين لإضعاف الجهاز القضائي، وتعمد نتنياهو التأخر أربعة أيام في إقالة وزير الصحة والداخلية أرييه درعي زعيم حزب شاس؛ استجابة لقرار المحكمة العليا، الأمر الذي استجاب له نتنياهو ظهيرة يوم الأحد 22 كانون الثاني، على أمل التخفيف من الأزمة المزدوجة داخليًا في حكومته، وخارجيًا مع أقطاب المعارضة التي لجأت إلى الشارع لإسقاطه.

حرب الشوارع والساحات العامة التي انتشرت في جميع أرجاء فلسطين المحتلة، من تل الربيع (تل أبيب) إلى بئر السبع، وحيفا والقدس المحتلة بالقرب من مقر إقامة نتنياهو -تتطور يومًا بعد الآخر، وتزداد سخونة مع إصرار المتظاهرين على الاحتشاد يوم السبت.

اليوم يحرم فيه العمل في الوسط اليهودي الحريدي المتدين، والذي شارك بعضه في التظاهرات إلى جانب المحتجين على نتنياهو في القدس المحتلة؛ ما يجعل من التظاهرات صراعًا خفيًا بين الحريديم المتدينين المتطرفين، وبين القوميين العلمانيين المتطرفين، لا على مكانة الشريعة اليهودية فقط، بل على تعريف اليهودي بغض النظر عن درجة تدينه.

أزمة الحكم لم تقتصر على المواجهات في الشوارع، والاتهامات بالتحريض على القتل المتبادلة بين أقطاب الانقسام السياسي والمجتمعي الصهيوني، فالأزمة كامنة في الحكومة الفاشية العنصرية ذاتها، التي تعاني التنافس والتصارع والتنازع على الصلاحيات بين وزرائها، ممثلة: بوزيري المالية بتسلئيل سموتريتش عن حزب الحركة الصهيونية، ووزير ما يسمى بالأمن القومي إيتمار بن غفير عن حزب عوتسيما من جهة، ووزير جيش الاحتلال يوآف غالانت عن حزب الليكود من جهة أخرى، بشكل هدد بشلل الحكومة الفاشية ذاتها، وعمق أزمتها التي فجرها قرار المحكمة العليا بإقالة الوزير الحريدي الشرقي أرييه درعي.

لا يمكن المراهنة على الصراع الداخلي في المجتمع الصهيوني لإحداث فرق كبير بين اليمين الفاشي الاستيطاني بقيادة نتنياهو وبن غفير، واليمين العنصري الاستيطاني بقيادة يائير لابيد وغانتس، فالتياران عنصريان وفاشيان، ولكنهما يختلفان في طريقة تحقيق برامجهما العنصرية والفاشية على الأرض الفلسطينية.

وعلى الرغم من ذلك فإن الصراع والانقسام وتنازع الصلاحيات يعيق فاعلية الاحتلال في تمرير مشاريعه الإقليمية للتوسع في العالم العربي، تحت ستار الأمن الجماعي، سواء كان الأمن البحري، أو الجوي للمسيرات، أو البري، أو السيبراني، في حين عرف بـ"القبة السيبرانية".

مخططات يعمل الاحتلال ليل نهار على تمريرها بحجة مواجهة إيران تارة، وتارة بحجة التعاون والتعايش.

مخططات يتوقع أن تثار على نطاق أوسع في منتدى النقب -سيئ السمعة- المنوي انعقاده في المملكة المغربية لتتويج الكيان الإسرائيلي كقوة مهيمنة في الإقليم، وبرعاية من الحليف الأمريكي في واشنطن.

لعل إعاقة مشروع الهيمنة الصهيوني أو إبطاءه يعدان أحد الممكنات إذا تأزم المشهد الداخلي؛ إذ يترافقان مع تصاعد المقاومة الفلسطينية بشقيها الشعبي والمسلح في الضفة الغربية، لمواجهة الهجمة الاستيطانية الفاشية، التي باتت السلطة التي راهنت على التنسيق الأمني قبل انخراط الدول العربية في النشاط التطبيعي والتنسيقي الأمني عاجزة عن التكيف معها، بل ضحية من ضحاياها، فتحول الحديث عن دولة إلى الحديث عن جهاز تنفيذ قضائي يتبع للاحتلال، وهو ما سيتكرر في العالم العربي إذا تمدد المشروع الصهيوني، واخترق مفاصل السيادة للدول العربية.  

ختامًا..

التناقض بين الكتلة الديموغرافية غير المتجانسة للمشروع الصهيوني، بلغ محطة جديدة لا يتوقع أن تنتهي بإسقاط حكومة نتنياهو، سواء عبر اغتياله، أو عبر إسقاط حكومته، فقدرة المكونات الصهيونية على التكيف فيما بينها شبه مستحيلة، وتحكمها الرغبة في الانتقام والإقصاء؛ ما يعني مزيدًا من التمزق والصدوع داخل المجمع الاستيطاني القابع على أرض فلسطين المحتلة.

تناقضات يمكن الاستفادة منها فلسطينيًا لتعزيز المقاومة، وتعزيز الوجود الفلسطيني، وتعزيز الانقسام بين الطوائف المتناحرة في الكيان المحتل.

المصدر / السبيل الأردنية