لم تفق عائلة "خضر" من الصدمة الأولى التي حلّت بها في الصيف الماضي، حين أقدمت آليات الاحتلال الإسرائيلي على هدم منزلها المكون من 5 طوابق في منطقة بيت حنينا شمال القدس المحتلة، حتى باغتتها مجددًا بتدمير غرفة أنشأتها العائلة على أنقاض منزلها المدمر.
فمع ساعات صباح الاثنين الماضي، انقضت جرافات الاحتلال على هدم غرفة لم تتجاوز مساحتها خمسة أمتار، أنشأتها العائلة على أرض منزلها المدمر منذ الثالث عشر من أغسطس الماضي، والواقع في حي الأشقرية بمنطقة بيت حنينا.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يجبر مقدسيًّا على هدم منزله ذاتيًّا
ما يزيد القهر لدى العائلة، أن الاحتلال لم يكتفِ بهدم الغرفة فحسب، بل ذهب إلى فرض غرامة مالية تقدر بـ 26 ألف دولار (90 ألف شيقل) على العائلة، مقابل تنفيذ الهدم بآليات تابعة لبلدية الاحتلال في القدس.
وأجبرت سلطات الاحتلال في أغسطس/ آب الماضي العائلة على هدم خمسة منازل للمواطن عبد الله خضر وأبنائه، تمهيدًا لتسليم الأرض لصالح المستوطنين.
القهر والألم يرتسمان على ملامح الشاب علاء خضر، وهو يحدق نظره نحو آلية الاحتلال وهي تغرز "أنيابها الحديدية" صوب تلك الغرفة الصغيرة فيقول "احنا ساكنين في هذا المنزل منذ سنوات طويلة".
ويكمل خضر والحسرة ترافق صوته المُرهق، "سلطات الاحتلال أصدرت لنا قرارًا بإخلاء المنزل لصالح المستوطنين وإحلالهم في الأرض".
وأوضح أن العائلة توجهت إلى محكمة الاحتلال التي لم تنصف العائلة في الشكوى المقدمة لها بخصوص هدم المنزل، وهو ما دفع سلطات الاحتلال لهدمه قبل عدة أشهر.
وأشار إلى أن العائلة أقامت غرفة فوق الأرض في رسالة تحدٍ لقرار الاحتلال القاضي، وصمودهم فوق أرضهم مهما كلف الثمن، متابعًا: "وضعنا الغرفة حتى ما نخرج من الأرض، لكن الاحتلال عاود رجع وهدمها، فأصبحت خالية تمامًا".
ويستذكر لحظات هدم المنزل، إذ أصيب وقتها والده بجلطة دماغية في أثناء رؤيته آليات الاحتلال وهي تهدم المنزل حتى أصبح كومة من الحجارة، في حين توفي لاحقًا في إثرها، خاصة أنه يمتلك أوراقًا تثبت حقه وملكيته للمنزل".
ويُعلق خضر "والدي توفى وهو بشوف تعب عمره بنهدم قدام عينه، وها هو الاحتلال يعيد المشهد مرة أخرى بهدم الغرفة الصغيرة المتبقية".
اقرأ أيضاً: تقرير المقدسي "الرجبي" يتجرع مرارة هدم المأوى مرتين
وفي تصريحات لصحيفة "فلسطين"، قبل وفاته، قال المقدسي عبد الله خضر: "مستحيل أن أسلم منزلي الذي تربيت فيه منذ طفولتي، وكبرت معه أحلامي وذكرياتي، بكل سهولة إلى المستوطنين"، ثم يردد: "سنبقى رافعين رؤوسنا على الرغم من هدمه، وإن شاء المولى سنُعيد بناءه".
وأضاف: "كرامتنا فوق كل شيء، وسنبقى هنا في أرضنا صامدين، ولن نخرج إلا بجثثنا، ولن نسمح أن يدوسها أي مستوطن مجرم، لو يعطوني الجنة مش رح أترك بيتي للمستوطنين، هذا بيتي هون ولدوا أولادي وأحفادي... بموت في البيت ولا بطلع منه".
وتشير المعطيات إلى أن عام 2022 شهد هدم الاحتلال ألفًا و58 مبنى ومنشأة فلسطينية (353 مبنى سكنيًا و705 منشآت)، معظمها في القدس المحتلة، بمجمل عمليات هدم بلغت نسبتها 29 بالمئة، (شملت 128 مبنى سكنيًا و176 منشأة).