لم تتوقف ممارسات سلطات الاحتلال العنصرية بحق قطاع التعليم في مدينة القدس ومدارسها عبر محاولات تمرير المناهج المحرفة والإسرائيلية بدلًا من المنهاج الفلسطيني، كان آخرها وقف ما تُسمى "وزارة المعارف" التمويل المادي للمدرسة الإبراهيمية في المدينة المحتلة منذ بداية العام الجاري.
وجاء العقاب المالي استكمالا لسلسلة إجراءات عنصرية تتخذها سلطات الاحتلال لإحكام قبضتها وسيطرتها المُطلقة على التعليم، ومحاولة فرض وقائع جديدة على مدارس القدس، حسبما يرى مراقبون ومختصون.
اقرأ أيضاً: التعليم في القدس.. واقع مزري وسيطرة إسرائيلية لِكي عقول الفلسطينيين
وتتذرع "وزارة المعارف" بحكومة الاحتلال بأن وقف التمويل المادي للمدرسة الإبراهيمية نتيجة منع طواقم تفتيش الوزارة من دخول المدرسة في 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حسبما أفاد اتحاد لجان أولياء أمور طلبة القدس.
وأوضح رئيس الاتحاد زياد شمالي أن قرار تجميد التمويل أحد إجراءات الاحتلال بحق مدارس القدس، الذي سيتمخض عنه لاحقا إغلاق المدارس، ما سيؤثر في قدرة تلك المدارس على استكمال مسيرتها التعليمية، خاصة أنها تضم أعدادًا كبيرة من الطلبة.
وبيّن شمالي لصحيفة "فلسطين" أن المدارس عليها التزامات مالية كبيرة، وعليه سيؤدي وقف الدعم المالي إلى إغلاقها أو توقيف كثير من المعلمين بسبب عدم إمكانية تغطية النفقات.
ولفت إلى أن مدرسة الإبراهيمية من أكبر مدارس القدس من حيث المساحة وأعداد الطلبة، الذين يفوق عددهم الـ1800 من جميع المراحل، متوقعًا إلحاق سلطات الاحتلال بتلك الخطوات قرارات بتوقيف التراخيص للمدارس في القدس، بحيث تصبح "غير قانونية" في نظرها، ثم يتبعها إغلاقها وتوزيع طلابها على مدارس تُعلم المنهاج الإسرائيلي، رغما عن الأهالي بسبب عدم وجود مدارس كافية.
ووصف خطوة تجميد الدعم المالي بـ"الخطيرة"، عادًّا إياها استكمالا لسلسلة اقتحام مُفتشي "وزارة المعارف" لعدة مدارس باستمرار، ومحاولات تدريس المناهج المحرفة واستبدال المنهاج الفلسطيني بالإسرائيلي، محذرا من أن تكون خطوة أولى بحق مدارس أخرى في قادم الأيام.
وبحسب شمالي، فإن منع المخصصات المالية سيؤدي إلى تدني مستوى التعليم مع نزوح كثير من المعلمين لعدم تلقيهم معاشاتهم، وحاجتهم للإيفاء بالأعباء الحياتية المفروضة عليهم.
استمرار الضغط
ويرى المختص في شؤون التعليم بالقدس زيد القيق أن إجراءات الاحتلال ضد مدارس القدس محاولة لإجبارها على القبول بسياسة التعليم الإسرائيلي، منوها إلى أن قراره ضد المدرسة الإبراهيمية قد يتبعه خطوات أخرى تجاه عدة مدارس، وجميعها يندرج ضمن زيادة الضغط على مدارس المقدسيين.
وأوضح القيق في حديث لـ"فلسطين" أن قطاع التعليم في القدس له خصوصية تختلف عن بقية مدن فلسطين، حيث تتبع مدارسها لقوانين الاحتلال وخاصة المالية، مؤكدا أن مدارس المدينة المحتلة ترفض تمرير المناهج المحرفة أو الإسرائيلية.
وبحسب قوله، فإن مدارس القدس تضطر لمجاراة الواقع السياسي والمالي المفروض عليها منذ سنوات طويلة، لكنها ملتزمة بالمناهج الفلسطينية، منبها إلى أن الاحتلال يجعل الواقع المالي سيفا على هذه المدارس، وبالتالي تخفيض المخصصات يؤثر في قدرتها باستكمال المسيرة التعليمية.
وأضاف أن مدارس القدس تواجه إجراءات الاحتلال بلا دعم من السلطة أو الدول العربية والإسلامية، مشددا على أن المطلوب السعي نحو مسار للدفاع عن مدارس القدس وعدم تركها وحيدة.
اقرأ أيضاً: تخوفات مقدسية من خطوات إسرائيلية لأسرلة التعليم في القدس
وأفاد بأن عدد المدارس الأهلية والخاصة في القدس يبلغ 82 مدرسة، في حين يصل عدد المدارس الحكومية إلى 70، موضحا أن الهجمة الإسرائيلية تستهدف المدارس الأهلية حاليا.
وبين أن المدارس الأهلية في القدس تعتمد في أمورها المالية على الأقساط التي يدفعها أولياء أمور الطلبة والمخصصات التي تتلقاها من وزارة الاحتلال.
من ناحيته، يرى المواطن المقدسي عادل غزاوي؛ والد طالبتين في إحدى مدارس القدس، أن قرار الاحتلال أكبر من مجرد وقف تمويل أو دعم مدرسة مُعينة.
وأوضح غزاوي لـ"فلسطين" أن سلطات الاحتلال تساوم مدارس القدس عبر تقليص الدعم المالي المقدم لها، وقد بدأت ذلك مع المدرسة الإبراهيمية، مشيرا إلى أن هذه السياسة وضعت المدارس في مأزق كبير.
وبيّن أن المدارس أصبحت غير قادرة على القيام بالتزاماتها، ما قد يدفعها لإغلاق أبوابها أو القبول بالسياسة الإسرائيلية المفروض عليها، مشددا على أن أبعاد هذه الخطوة خطيرة جدا، إذ يُراد منها تدريس المنهاج الإسرائيلي كمادة أساسية في مدارس القدس.